السبت، 26 مارس 2022

يحدث في المساء



ما الذي يحدث كل مساء عندما يحل الظلام وتنتشر العتمة في كل مكان ويهبط السواد فيغطي جميع مخلوقات الله ؟

يستيقظ في داخلي كائن غريب. ضخمٌ ضخامة أيامي وسنين حياتي. يضيق المكان من حولي من فرط ضخامته وأصير أنا من فرط ضآلتي ظلاً زاوياً لا يكاد يبين تحت سفح جبل شاهق يناطح السماء وقطرة ماء تائهة وسط بحر محيط لا يحد شطآنه حد. 

يتذكر الكائن كل التفصيلات الدقيقة التي مرت بي في حياتي لا يغادر منها صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وكأنه ملك حساب تم استدعاؤه من الآخرة.

يتذكر جميع زلاتي وسقطاتي ويذكرني بها ويشرع في تعذيبي على كل ما اقترفته عن قصد أو عن غير قصد. 

يبدأ من نظراتي كم نظرة نظرتها 

ولم أبصرت ؟

يمر بعقلي ويسألني كم فكرة فكرتها 

ولم فكرت ؟

كم من نبرة صوت بأذنيك سمعتها 

ولم أصغيت ؟

كم كلمة تحركت شفتاك و تكلمتها  

ولم تحدثت ؟

كم يداً نحو الآخرين بسطتها

ولم مددت ؟

كم خطوة بلا دليل سرتها 

ولم مشيت ؟

كم مرة عن فعل الخير تكاسلت 

ولم تقاعست ؟

كم مرة عن الجوار تغاضيت 

ولم جبنت ؟

* * * * *

أو لم ننهك عن العالمين

فما انتهيت

قد كنت عطراً نائماً في وردته

لم انسكبت؟

و درّةً مكنونةً في بحرها

لمَ انكشفت ؟

وهل يساوي العالم الذي وهبته دمك

هذا الذي وهبت ؟

* * * * *

تعجزني أسألته حتى يفوت الوقت. 

ولا أجد له جواباً غير الصمت. 

غير أنني كنت أحاول أن أحيا 

كما يحيا البشر ولكنني عجزت.

ولم أعرف في يومٍ من الأيام

لم عجزت.


عاطف شوشه