الخميس، 5 ديسمبر 2019

آخر النازلين



هنا في الأسفل.

تحت الأرض.

حيث الضوء الخافت  يتسرب إلينا من الفتحة الصغيرة في الأعلى محاولاً أن يكشف لنا بعض ما في هذا المكان الضيق الرطب ذو الرائحة المميزة والسقف الواطئ  و الحوائط القاتمة.

هنا في هذا المكان حيث يعم السكون والصمت المطبق من حولنا جلست أنا وعم محمود القرفصاء جنباً إلى جنب نتأمل اللفافة التي أمامنا والتي أُحيطت بعناية بقماش أبيض ناصع البياض لم يؤثر فيه التراب الذي ترقد فوقه.

بعد فترة من الصمت لا أدري كم طالت قطع عم محمود السكون حولنا وقال بصوت خفيض يتناسب مع هذا الهدوء القسري الذي يحيط بنا: " هل تريد أن ترى آخر من نزل منكم إلى هنا ؟ " 
نظرت إليه نظرة ارتياب وسألته :"هل تعرفهم جميعاً؟" أجابني بصراحة: "لا ولكنني أستطيع فقط أن أميز آخرهم" 

لمعت عينا عم محمود في الظلام من خلف نظارته الطبية السميكة واستطالت أصابع يديه العشرة النحيلة  بشكل غريب وهو لا يزال في جلسته تلك حتى وصلت بأظافرها السوداء إلى اللفافة التي أمامنا وبدأت في فكها والكشف عما بداخلها. 

أشار عم محمود بسبابته التي استطالت أكثر من باقي أصابعه حتى وصلت إلى قطعة محددة من البقايا داخل اللفافة ثم قال واثقاً : " هذا هو"

سألته باستغراب : "وكيف عرفته ؟ ". أجابني ببساطة: " أعرفه من قطعة القماش تلك التي مازالت عالقة ببقاياه. أما الآخرين فقد تحلل قماشهم ولن نستطيع بعد الآن أن نفرق بين بقاياهم ".

جبنت فلم أستطع أن أمد يدي لألمس أيٌ من هذه البقايا المختلطة ولكنني لمستها وربت عليها كلها بناظري. 

كنت قد سلمت عليهم جميعاً حين وصلت. كل واحد منهم باسمه فاكتشفت أنني لست فقط أفتقد وجودهم في عالمي العلوي ولكنني  أفتقد أيضاً وبشدة أن أنطق بأسمائهم وأن أسمع نفسي وأنا أناديهم فأخذت أردد أسماءهم مراراً وأسلم عليهم تكراراً. 

البعض يقول ويؤكد أنهم يسمعوننا عندما نسلم عليهم بل ويسعدون بزيارتنا لهم. 

والبعض الآخر يقول أنهم لا يسمعوننا أبداً كما أخبرنا ربنا بذلك في كتابه الكريم.

لكنني على كل الأحوال قد أحببت هذا المكان وألفته نفسي وأتوق دائماً إلى العودة إليه ربما بسبب تلك البقايا التي أحببتها بدون أن ألمسها لأنها بقايا من أحببتهم أو ربما بسبب الهدوء و السكينة اللتان تملآن هذا المكان والراحة النفسية التي أحس بها هنا. أو ربما لأنني قد اقترب الوقت الذي سوف أصاحب فيه هذه البقايا وتصحبني هي الأخرى في الأسفل وتؤنسني حتى أصبح بقايا تختلط  معها ثم ننتظر سوياً زائراً آخر نسعد بزيارته معاً أو نزيلاً نؤنس وحدته حتى يصير بقايا تختلط بنا. 

خيم علينا الصمت  مرة أخرى ولم يقطعه هذه المرة إلا صوت العامل ينادي من الغرفة المجاورة يطلب المساعدة. 

خَفَتَ اللمعان في عيني عم محمود وعادت إليه نظرته المعتادة وعادت أصابعه إلى مكانها الطبيعي بعد أن خبأت كل البقايا بعناية فائقة في داخل القماش الأبيض مرة أخرى . 

قمنا من جلستنا ونحن نتكأ بكلتا يدينا على الحوائط الخشنة حولنا  ونحاذر السقف القريب من رؤوسنا.

تركنا اللفافة البيضاء العزيزة خلفنا وتقدمت عم محمود وبدأنا باحتراس شديد  نصعد السلم الرأسي الضيق ذو الدرجات الغير منتظمة حتى أصبحنا فوق الأرض مرة أخرى. 

صدمت أعيننا الشمس الساطعة تطل علينا من منتصف السماء. 




عاطف شوشه

الأربعاء، 16 أكتوبر 2019

القناع الباسم




أحفظ في جيبي منديلاً      يحمل صورة وجه باسم

ذلك الوجه الذي لم أكنه أبداً في يوم من الأيام مها حاولت. فأنا يغلب على داخلي وعلى ملامحي  التجهم والكآبة دائماً. لا أضحك للنكات الوضيعة. ولا أبتسم للحكايات التافهة. والنكات والحكايات هما شغل الناس الشاغل هذه الأيام وملح مجالسهم.

النهاية القريبة قادمة لا محالة وأنا أنتظرها في هدوء رغم صخبها الذي أسمعه من بعيد وهي تسعى إلي لا لأحدٍ غيري.

سوف أرحل قريباً قبل أن أنهي كثيراً من الموضوعات العالقة ولكن هذا لا يزعجني كثيراُ فمعظم هذه الموضوعات أنا السبب في وجودها وبنهايتي أنا  سوف تنتهي هي الأخرى ولن يكون هناك عالقاً غيري ولكن هناك حيث لا يراني أحد حيث لا يعبأ بتجهمي وكآبتي أحد تماما كما هي الحال هنا الآن ولكن الفرق أنه لا أحد غيري هناك أحمل وزر كآبته تأثراً بي.

أما هنا فسوف يشعر الكثيرون بالراحة لنهايتي إذ أن مجرد وجودي بينهم يزعجهم ويصيبهم بالقلق المستمر. أنا أعلم أنني أيضاً سببٌ جوهريٌ في هذا الشعور بالضيق الذي يشعر به من حولي ففي تكويني شئٌ مقلقٌ يحسه الآخرون الذين يحيطون بي. شئ يجعلهم يتحملون عبء التفكير قبل أن يتكلموا أو حتى قبل أن يصيغوا الكلمات في داخلهم فتبقي الجمل حبيسة في صدورهم فيعلوا وجوههم الحيرة والإضطراب. 

فليسعد الجميع فإنني راحل عن قريب. وسيكون في رحيلي ذاته موضوعاً جديداً للتندر والتسلية وبالتأكيد للسخرية. وأنا أوافق مقدماً على كل هذه الأشياء فلعل رحيلي أن يكون سبباً للفرح الذي لم أستطع يوماً أن أهبه لمن حولي.

ولكي يكون الأمر مسلياً وباعثاً على البهجة قدر المستطاع  فأنا أحتفظ في جيبي بمنديل يحمل صورة وجه باسم ووصيتي لأول شخص يشهد نهايتي أن يخرج هذا المنديل من جيبي ويغطي به وجهي على الفور قبل أن يراني أحد كي أبدو في رحيلي سعيداً ومبتسماً. أريد من كل من يدخل علي ليتأكد من أنني راحلٌ فعلاً أن يراني ضاحكاً للمرة الأولى والأخيرة  فيبتسم هو الآخر لهذه المزحة الأخيرة لعل تكون آخر صورة لي في ذاكرة من أتعستهم طويلاً هي وجه باسم فيبتسمون إذا ذكروني وإذا لم يذكروني فهذا أفضل لهم فهم قطعاً سعداء لأنني قد رحلت عنهم.




عاطف شوشه


الأربعاء، 9 أكتوبر 2019

رفيق الليل




أكد ليَّ الحارس أنه يراه كل ليلة بملابسه الداكنة ذاتها وهو يتسلل من المدخل الخلفي للبيت قاصداً بابي.

أكد ليَّ الجيران الفضوليين أنهم يرونه كل ليلة بهيئته الهزيلة نفسها جالساً أمام بابي  لا يطرق الباب أبداً. ينتظر عودتي حزيناً مسبل العينين واضعاً رأسه بين كفيه مخفياً وجهه الداكن مرتكزاً بمرفقيه على ركبتيه النحيلتين مستنداً بظهره المنحني على الحائط القاتم بجوار السلم الضيق.

وعند عودتي ينتبه على وقع خطواتي البطيئة المتباعدة المتعبة في الخارج. يقف في الزاوية المظلمة حتى لا أراه في ضوء المصباح الخافت فوق رأسي وعندما أفتح الباب يدخل خلسة خلفي مختفياًً في ظلي.

قطتيَّ السوداء التي تؤنس وحدة بيتي ووحدة صور الأموات على الجدران تلمع عيناها في الظلام وهي تنتظرني في الداخل بجوار الباب. تموء بصوت مكتوم معلنةً دخوله الخفي معي.

أكد ليَّ الجميع أنه لا يخرج من بيتي إلا بعد أن أغادره أنا مهما طال وجودي به أو قصر وأنه يقضي عندي أيام العطلات بكاملها.

أكد ليَّ طائر الليل الحزين الذي يسكن نافذتي الشتوية الباردة أنه سوف يعود كل ليلة حتى آخر عمري.

أكد ليَّ ظني أنه قدري.

ألا أيها الحزن المتفرد بي وحدي ألم يأن الوقت لتبحث لك عن رفيق ليلٍ غيري.






عاطف شوشه





الخميس، 5 سبتمبر 2019

من هنا تبدأ الحكاية



من هنا تبدأ الحكاية.


وعندما يذكر الراوي أي من مشتقات كلمة "يبدأ" فهو حتماً يعرف أنه سوف يذكر في وقت ما أو في مكانٍ ما من روايته إحدى مشتقات كلمة "ينتهي" فكل أمر له بداية فهو حتماً له نهاية هكذا هو منطق الأشياء والمخلوقات سواءاً منها المادية أو المعنوية أي أن لكل أمر "عمراً" سواءاً كان هذا العمر يوماً أو ساعة أو دقيقة أو ثانية أو أقل من ذلك أو أكثر. وخلال هذا العمر يحدث التفاعل مع الأمور الأخرى المحيطة بهذا الأمر إلى أن تحضر كلمة "ينتهي" أو إحدى مشتقاتها.

والراوي خبيث بطبعه فهو يعرف قطعاً ماذا حدث بين الكلمتين من قبل أن يبدأ روايته ولكنه يريد أن يسوق للقارئ - إن وُجد - المبررات التي تبرئه منذ البداية حتى وقوع النهاية. وقد يحدث ذلك فعلاً ولكن للأسف لا يحدث دائماً فمسوغات البراءة التي يسوقها شخص ما قد تفهم بأنها دليل إدانته القطعي عند شخص آخر.

ومجمل الحكاية في كل الأحيان مهما عظم حجم الرواية لا يتعدى مطلقاً بضعة كلمات بسيطة سهلة الفهم وهي "كان هناك شخصٌ عاش دهراً ثم مات". وعاش تتضمن في محتواها معنى البداية ومات بالطبع تتضمن في محتواها معنى النهاية.

وما قبل كلمتي البداية والنهاية وما بعدهما غيب لايعلمه إلا الله والإشتغال أو الإنشغال بالغيب ضرب من الحماقة وتضييع للعمر فيما لا يُدرك ولا يُفيد.

وكل ما بين الكلمتين مما لم يُقصد به وجه الله تعالى مهما عظم أمره وعلا شأنه ومهما ازدهر وتنامى فهو يسقط عن آخره عند حضور النهاية.

وقد كنت أنوي حقيقة أن أحكي حكايتي كلها ومنذ وعيت النظرة الأولى على هذه الدنيا وحتى الآن وكان علي أن أتذكر ما لم أعد أذكره أو أفسر ما عجزت عمري كله عن تفسيره.

وبما أنني أردت أن أروي حكايتي أنا وليس حكاية شخص آخر فأنا حقاً وليس خبثاً لا أعرف كيف ستكون النهاية وإن كنت أعلم النهاية علم اليقين. وقد يكون دهري هذا  سنيناً أو أياماً أو ساعاتٍ أو ثوانٍ أو ينتهي حتى قبل أن أكتب الكلمات الأخيرة من هذا المقال وأتمه وأمهره بتوقيعي الرسمي المعتاد.

وحتى لا يشعر بالإحباط هذا القارئ الذي كان ينتظر بعد هذه المقدمة المملة أن يعرف حكايتي  أو يحس أنني قد ضللته متعمداً أو خذلته قاصداً فلم يعرف في النهاية عني شيئاً فقد قررت أن أروي حكايتي.

وحكايتي أيضاً بسيطة وسهلة الفهم " يوجد هنا شخص يعيش دهره ثم يموت" وما بين الكلمتين لا يعني أحداً.



عاطف شوشه






الأربعاء، 7 أغسطس 2019

أصحاب رسول الله






"طعنت عثمان تسع طعنات ثلاث طعنات لله تعالى و ستة طعنات لما كان في صدري عليه".

بهذه المقولة أفصح لنا الصحابي الجليل "عمرو بن الحمق الخزاعي"  عن بواعثه للإشتراك في قتل الخليفة "عثمان بن عفان".

و لو صدق لقال طعنته تسع طعنات لما كان في صدري عليه ليس فيها شيء لله و كيف يكون في قتل عثمان شيء لله تعالى

والقصة التي ذكرها الشيخ "محمد حسان" ونشرها على الملأ في قضية التسع طعنات هي قصة رواها "ابن سعد" في كتابه "الطبقات" من طريق الواقدي.

هو عمرو بن الحمق بن الكاهن بن حبيب بن عمرو بن القين بن رزاح بن عمرو بن سعد بن كعب بن عمرو بن ربيعة الخزاعي.

هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد الحديبية، وقيل: بل أسلم عام حجة الوداع، والأول أصح.

صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وحفظ عنه أحاديث، وسكن الكوفة، وانتقل إلى مصر، قاله أبو نعيم.

وقال أبو عمر: سكن الشام، ثم انتقل إلى الكوفة فسكنها، والصحيح أنه انتقل من مصر إلى الكوفة.

روى عنه جبير بن نفير، ورفاعة بن شداد القتباني، وغيرهما.

ويروى عن عمرو بن الحمق أنه سقى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "اللهم متعه بشبابه". فمرت عليه ثمانون سنة لا ترى في لحيته شعرة بيضاء.

وكان ممن ساروا إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو أحد الأربعة الذين دخلوا عليه الدار، فيما ذكروا، وصار بعد ذلك من شيعة علي، وشهد معه مشاهده كلها: الجمل، وصفين، والنهروان. وأعان حجر بن عدي، وكان من أصحابه، فخاف زياداً، فهرب من العراق إلى الموصل، واختفى في غار بالقرب منها، فأرسل معاوية إلى العامل بالموصل ليحمل عمر إليه، فأرسل العامل على الموصل ليأخذه من الغار الذي كان فيه، فوجده ميتاً، كان قد نهشته حية فمات، وكان العامل عبد الرحمن بن أم الحكم، وهو ابن أخت معاوية.

ويروى أن أول رأس حمل في الإسلام رأس عمرو بن الحمق إلى معاوية.  قال سفيان: أرسل معاوية ليؤتى به، فلدغ، وكأنهم خافوا أن يتهمهم، فأتوا برأسه.

وإلى هنا تنتهي قصة عمرو بن الحمق التي سنعود إليها مرة أخرى بعد عرض سريع عن أصحاب رسول الله الذي هو واحد من أشهرهم.

ولنا أن نسأل من هم صحابة رسول الله؟ ولماذا يعد قاتل عثمان واحداً منهم نترضى عليه أي ندعو له بأن يرضى الله عنه حتى بعد فعلته ودوافعها التي أقر بها؟

 إذا سألت معظم المسلمين من هم صحابة رسول الله فسوف يجيبونك بأسماء الخلفاء الأربعة الراشدين وعمر بن العزيز وقليل منهم سوف يذكر أسماء العشرة المبشرين بالجنة وبعض الأسماء المتفرقة التي يذكرها كلٌ على حسب ما ارتقى إليه علمه وثقافته. وهولاء  هم من يهب أهل السنة للدفاع عنهم إذا ما هوجم الصحابة ظناً منهم  أن هؤلاء فقط هم الصحابة. وما لا يعلمه الكثيرين وقد يصدمهم هذا الخبر أن الصحابة قد بلغ عددهم حسب تعريف أهل السنة لهم ما يزيد على المائة وأربعة عشر ألف صحابي. 

روي عن أبو زرعة الرازي شيخ مسلم أنه سئل عن عدة من روى عن النبي فقال: ومن يضبط هذا؟ شهد مع النبي حجة الوداع أربعون ألفا، وشهد معه غزوة تبوك سبعون ألفا. وقوله قبض رسول الله عن مائة ألف وأربعة عشر ألفاً من الصحابة، ممن روي عنه وسمع منه من أهل المدينة وأهل مكة ومن بينهما، والأعراب، ومن شهد معه حجة الوداع كلٌ رآه وسمع منه بجبل عرفات.

ولكي نعي كيف وصل عدد الصحابة إلى هذا الرقم العظيم الذي يصعب معه تذكرهم يجب أن نعرف ماهو تعريف الصحابي الذي ينطبق على كل هولاء المائة وأربعة عشر ألفاً.

مفهوم الصحابي الذي اتفق عليه أهل السنة هو "أن الصحابي هو كل من لقي الرسول صلى الله عليه وسلم وعاش معه سواءاً لفترة قصيرة أو طويلة، ومات على الإسلام، سواءاً كان رجلاً أو امرأةً أو صغيراً أو كبيراً، وأخذ عنه أمور الدين والحياة، وإن لم يكن مسلماً لا يعتبر صحابياً". ويشمل ذلك التعريف كل من رأى الرسول ولو للحظة واحدة وكذلك يشمل الأطفال حتى قالوا حديث ابن خمسة سنوات يعتد به. 

ويجب أن نذكر هنا رأي البعض من أهل السنة في هذا المفهوم مثل الشيخ "جمال البنا" الذي سمعته يقول: "إن أهل السنة قد توسعوا لدرجة كبيرة في تعريف من هم صحابة رسول الله". وبهذا أيضاً يقول بعض فقهاء أهل السنة.

والأصل عند أهل السنة عدم الدخول فيما شجر بين الصحابة والكف عنهم وعدم الخوض في مساوئهم وعيوبهم وأفعالهم المذمومة.

ومن أبرز الأسباب التي تجعل قضية الصحابة مسألة حسّاسة وخاصة عند أهل السنّة هو ما كان للصحابة من دور في تأسيس مذاهبهم وهذا ما جعل أيضًا مسألة البحث والتحقيق في الصحابة أمر ممنوع ومرفوض بالكلية عند مشهور أهل السنّة ولنستعرض بعض آراء أئمة أهل السنة فيمن صنفوا بالصحابة:


يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

(إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغُير عن وجهه، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر، حتى أنهم يُغفر لهم من السيئات ما لا يُغفر بعدهم، ثم إذا كان قد صدر عن أحد منهم ذنب فيكون قد تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه أو غُفر لـه بفضل سابقته أو بشفاعة محمد الذي هم أحق الناس بشفاعته أو ابتلى ببلاء في الدنيا كُفِّر به عنه . فإذا كان هذا في الذنوب المحققة فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين: إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطأوا فلهم أجر والخطأ مغفور)

وإن كان لي على ضآلة قدري أن أعلق على رأي ابن تيمية فلي أن أقول:
- إن رأيه كله مبني على إفتراضات لم يستطع أن يجزم بأيها: 
فهو يفترض الكذب والزيادة والنقص فيما يروى عن مثالب الصحابة 
ويفترض أنهم تابواعما اقترفوا من ذنوب ويشكك في أنهم قد صدر عنهم أي ذنب 
ويفترض أنهم أتوا من الحسنات ما يمحو ذنوبهم 
ويفترض أنهم قد يكونوا قد ابتلوا في الدنيا بلاءاً كُفِّر به عنهم 
- بل أنه يتألى على الله عز وجل عندما يقول: "أن الله يجب أن يغفر لهم لسابقة أعمالهم الحسنة وفضائلهم" 
- ويدعي أنهم أحق بشفاعة محمد وهذا من غيب يوم القيامة 
وقد يكون كل هذا صحيحاً ولكن "قد" تفيد الشك أيضاً أي أن كل هذا يمكن أن يكون غير صحيح. 

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - : 

( و من الحجة الواضحة البينة المعروفة ذكر محاسن أصحاب رسول الله  كلهم أجمعين ، و الكف عن ذكر مساوئهم و الخلاف الذي شجر بينهم ، فمن سب أصحاب رسول الله  أو أحداً منهم أو تنقصه أو طعن عليهم أو عرض بعيبهم أو عاب أحداً منهم فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف لا يقبل الله منه صرفاً و لا عدلاً ، بل حبّهم سنة ، و الدعاء لهم قربة ، و الاقتداء بهم وسيلة ، و الأخذ بآثارهم فضيلة ، و أصحاب رسول الله هم خير الناس ، لا يجوز لاحد أن يذكر شيئاً من مساوئهم ، و لا يطعن على احد منهم بعيب و لا نقص ).

- ولي أن أقول أيضاً أن الإمام رحمه الله يتألى على الله عز وجل بقوله: "لا يقبل الله منه صرفاً و لا عدلاً"

ونعوذ بالله أن نكون ممن وصفهم ولكننا نريد أن نستبرأ لديننا ونعلم عمن نأخذ هذا الدين ولا نكون من الذين أخبر الله عز وجل عنهم ممن قَالُوا:" بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ".

قال ابن الصلاح: "ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومن لابس الفتن منهم فكذلك، بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع، إحسانا للظن بهم، ونظرا إلى ما تمهد لهم من المآثر وكأن الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة وجميع ما ذكرنا يقتضي القطع بتعديلهم ولا يحتاجون مع تعديل الله ورسوله لهم إلى تعديل أحد من الناس".


ونقل ابن حجر عن الخطيب في "الكفاية: "أنه لولم يرد من الله ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد ونصرة الإسلام  وبذل المهج والأموال وقتل الآباء والأبناء والمناصحة في الدين وقوة الإيمان واليقين القطع بتعديلهم والاعتقاد بنزاهتهم وأنهم كافة أفضل من جميع الخالفين بعدهم والمعدلين الذين يجيئون من بعدهم".

ثم قال هذا مذهب كافة العلماء ومن يعتمد قوله وروى بسنده إلى أبي زرعة الرازي قال: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب محمد فاعلم أنه زنديق ذلك أن الرسول حق والقرآن حق وما جاء به حق وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة".

وتهمة الزندقة هذه تهمة قديمة ألقى بها الفقهاء في وجه كل من عارضهم ليألبوا عليهم العامة ويسلطوا عليهم الحكام ويصيبوهم في مقتل وهذه التهمة راح ضحيتها الكثير من شهداء الفكر والتصوف الإسلامي ممن ثبت بعد ذلك براءتهم منها بعد أن عذبوا وصلبوا وقطعت رؤوسهم لأغراض دنيوية محضة لا علاقة لها بالدين. ألم يشهد على أبو عبد الله حسين بن منصور الحلاج بالزندقة عشرات من فقهاء زمانه. ألم  يصلب على الجسر في بغداد وتقطع أطرافه وهو حي ثم قتل وأحرقت جثته وألقي بالرماد في نهر دجلة ثم جاء بعد ذلك من شهد له:

- قال عنه الإمام عبد القادر الجيلاني حين سُئل عنه: "عثر الحلاج ولم يكن في زمانه من يأخذ بيده، ولو أدركته لأخذت بيده."
- وقال عنهُ الإمام أبو الحسن الشاذلي: "أكره من العلماء تكفير الحلاج، ومن فهم مقاصده فهم مقصدي."
- وقال محمد بن خفيف الشيرازي : "الحسين بن منصور عالم رباني."

ولنا أن نعرض الآن معتقد أهل الشيعة في الصحابة: 

من حيث التعريف يرى الشيعة أن الصحبة لا تثبت إلا بطول الملازمة للنبي على أنهم لم يحددوا أمدا معينا ويفضل الشيعة استخدام مصطلح الأصحاب بدل الصحابة لعدم ورود مصطلح صحابي في الكتاب أو السنة وعدم وجود أصل له في اللغة العربية ولكن المصطلح يبقى مستخدما وإن بشكل اقل في ادبياتهم. ويقدر الشيعة مكانة الأصحاب وفضلهم ونصرتهم للنبي ، ويرى الشيعة أنهم يمتثلون للنهج القرآني في تقييمهم لمكانة الأصحاب فكما نزل القرآن في مدح أصحاب النبي في بعض المواقف، فقد نزلت الآيات في لومهم وذمهم في بعض الأحيان، بالإضافة لوجود بعض المنافقين بين صفوفهم مستشهدين ببعض الآيات والروايات التي صحت عندهم، على أنهم لا يرون اعتبار وجود ما يدل على تزكية الصحابة كلهم بمجموعهم واستحقاقهم الجنة لا في الكتاب ولا في السنة فكل الآيات محددة مشروطة، ولا يستثنى أصحاب النبي عن حكم الله الذي ينطبق على البشرية، فإن احسنوا جزاهم الله بالحسنى وإن أساؤوا حاسبهم بذلك. ويعامل أصحاب الجرح والتعديل عند الشيعة أصحاب النبي كغيرهم من المسلمين، فلا يعاملون ككل فمنهج الشيعة يقتضي بحث حال الصحابة فردا فردا للوقوف عند سيرهم وعدم تسليم الأمور على عواهنها من حيث تفاوت درجة تمسك من صحب النبي بما أمر به ابتداءاً ممن كان مؤمناً صادقاً ممدوحاً نهاية إلى من ثبت عليه أنه من أهل النار. فيتم القول بعدالة وموثوقية من يثبت عندهم صدقه من خلال التدقيق في سيرته ويتم جرح آخرين ثبت عند الشيعة سقوطهم روائيا لعلة قادحة في صدقهم وأمانتهم.
وعليه لم يكُن للصحابة ذاك الدور المُعتبر في أُسس الفقه والعقيدة الشيعية، فكل الأحكام الشرعية والتصورات العقائدية الشيعية مبنية ومُستندة على الروايات التي نقلها لهم أئمة أهل البيت عن الرسول الأكرم محمد إذ أنه وبحسب المعتقد الشيعي فإن أئمة أهل البيت هم مَن عيّنهم الله بعد نبيّه الأعظم  للقيام بِصَوْنِ الدين الإسلامي.

وأنا أقرر هنا أنني إلى معتقد الشيعة في تعريف ومفهوم الصحابة أميل غير أني لا أوافقهم على قولهم بعصمة أئمتهم التي يستشهدون عليها بآية التطهير.

نعود إلى "عمرو بن الحمق الخزاعي" الصحابي الجليل الذي كان سبباً في هذا البحث الموجز وهو الذي لا يخجل من فعلته بالإشتراك في قتل عثمان بل ويفصح لنا عن أنه طعنه ستة طعنات من مجمل تسعة لشئ أخر لا علاقة له بالدين.

وإذا كان من الشيوخ والعلماء من يخطئ في معرفة الصحابة الذين وصل عددهم ما يفوق المائة ألف فكيف بالعامة؟

فها هو الشيخ "محمد حسان" قد سب وشتم على الملأ هذا الصحابي الجليل لمقولته بطعن عثمان ثم أسرع الكثيرون ممن هم على طريقته ونهجه فنبهوه إلى أن هذا الذي سبه هو من الصحابة فرجع عن قوله وتأسف واعتذر وترضى عليه ولكن بعد أن فات الأوان.

https://www.youtube.com/watch?v=yZHLeEYsuvQ

وختاماً أود أن أقول إن الأئمة الذين ذكرتهم وغيرهم ممن لم أذكرهم إنما يتوجهون بحديثهم إلى أهل السنة الذين قضوا أمداً طويلاً يصدقون ويستسلمون لكلامهم ويغيبون العقل والمنطق من أجل ألا يتهموا في دينهم بغير حق. كما أدخل هولاء الأئمة في روعهم أن الصحابة كلهم عدول وأنهم معصومون.

ألم يعلم بعد علماء أهل السنة المعاصرين أن وسائل الإتصال والمعرفة أصبحت من اليسر والسهولة بحيث يعرف العامة ما دأبوا يخفونه عنهم ويحدثهم به أهل المذاهب الأخرى بل ويستخرجونه من كتب تراثنا ويشيرون إلينا بالبنان إلى مواضعه في مراجعنا فتحدث عندنا ردة فعل عكسية ضد علمائنا ويدخلنا الشك والريبة في ديننا حتى فيما لم يتبين لنا بعد عدم صدقه. 



عاطف شوشه





الخميس، 1 أغسطس 2019

المهندسون في الأرض


إلى هذه الفئة المهنية الشهيرة أنتمي أنا.



هذه الفئة في بلادنا هي أقرب إلى فئة الفنيين منها إلى المهندسين. فما ندرسه في الجامعة يؤهلنا فقط لكي نكون من الفئة التي تقوم بالتفكير والتصميم وإيجاد الحلول العلمية للمشاكل العملية عن طريق البحث الممنهج والإبتكار. وهذا التأهيل لا توجد حاجة له على أرض الواقع في سوق العمل. لذا تجد أن السواد الأعظم من المهندسين في حياتهم العملية هم في الحقيقة يعملون  كفنيين وهم أقرب إلى هذه الفئة منهم إلى المهندسين.

 وكلمة فنيين عندنا في مجتمعنا المصري هي الكلمة المثقفة للفظ العامي والشائع "الصنايعية" ومفردها  صنايعي. وهذه الكلمة تقترب لفظياً في كثير من حروفها من كلمة "صايع" المعروفة بكل ما تحمله من معاني معروفة متفق عليها. وأنا هنا لا أقصد أي إساءة ولكنها ملحوظة عابرة مرت في خاطري لعل لها وقع داخلي باطني في نفسي لا أعلمه وإن كنت أشعر به. ومما يدل على حسن نيتي هو ما ذكرته من أن المهندسين هم أقرب في عملهم إلى الصنايعيه.

وهناك دائما هذه المقارنة المستمرة بين المهندس والطبيب والتي يفوز فيها دائماً الطبيب على الرغم من نظرة المهندسين إلى الأطباء على أنهم "حافظين مش فاهمين" وأنهم بطبيعة دراستهم لا يفكرون ولا يستعملون عقلهم الذي سلب منهم منذ أيام دراستهم في الجامعة إلا من رحم الله.
لماذا إذن يفوز الطبيب دائماً  في هذه المقارنة مع المهندس؟

الطبيب يتعامل مع أشياء داخل الإنسان مثل صحتة التي هي أهم شئ عنده وشكله العام ومظهره الذين يواجه بهما الآخرين ويعطيان الإنطباع الأول والأخير عنه ثم يتعامل مع تكوينه الشخصي الذي يعتد به وكذلك مع نفسيته التي يحللها له كما يحلل له دمه وأشياء أخرى كثيرة. وهذه أشياء حيوية لا يمكن للإنسان الإستغناء عنها.

أما المهندس فيتعامل مع أشياء خارجية يستعملها الإنسان مثل البناء الذي يسكن فيه  ومع سيارته وماكينته وطرقه التي يمشي ويقود سيارته عليها ومنتجات أخرى يمكن للإنسان الإستغناء عن أكثرها أوعنها  كلها بكل سهولة ويسر بل يوجد أناسٌ لا يمتلكونها من الأساس.

أضف إلى ذلك أن الطبيب يعمل دائماً وهو مستتر ومستخف. مستتر وراء الجدران في عيادته أو في غرفة العمليات أو من وراء جهاز طبي. وهو مستخف وراء زي يحميه وملثم لا يظهر منه إلا عينيه اللتين لا تفضحان شخصيته بحال من الأحوال. وهو في تستره واستخفائه يخفي أخطاءه الفادحه وراء حواجز لا يسمح لأحد باختراقها حتى لا يطلع أحد أو يفضح ما وراءها. وهو في كل الأحيان يتستر عليه كل من حوله من فئة الملثمين إذ أنهم وعلى الأرجح دائماً مشتركون معه في الخطأ. وإذا تستروا عليه اليوم فسوف يتستر عليهم غداً. وهم يحملون دائماً أعذارهم وتبريراتهم في جيوب معاطفهم البيضاء يختارون منها ما يناسب الموقف ويضمن لهم الخروج أمام أعين الضحايا ليس فقط سالمين من غضبهم بل أيضاَ غانمين كل ما تيسر لهم من أموالهم. واللجوء إلى الدين دائماً حتى وإن كانوا غير متدينين هو طريقهم الرحب الذي لا ليس يعترضه إشارة مرور ولا يغلب عليه الإزدحام ولا الوقوف أوالإنتظار و هو هذا "الأكلشيه" المحفوظ في كل الأفلام المصرية وخاصة القديمة: "إحنا عملنا اللي علينا والباقي على ربنا" وهو يشمل ضمنياً بل و حتمياً إحالة الأمر برمته على الله عز وجل وهل يمكن للمريض أو أهله أو "إللي يتشددوا له" أن يعترضوا على مشيئة الله أو يكفروا بها .

أما المهندس فتجده يعمل عارياً من كل أسباب التخفي والحماية مكشوفاً  في عين الشمس يؤدي طقوسه أمام الجميع "إللي بيفهم واللي ما بيفهمش" وكل واحد رايح ولا جاي يعدل عليه ويناقشه في شغله الذي يقوم به غالباً على قارعة الطريق يبني أحد المباني أو يمد طريقاً أو يشرف على صرف صحي أو بياض أو صبة أسمنت بيعملها مقاول وبيغشه فيها ويطلع على سقاله وينزل من على سقف أو بيصلح عربيه عطلت على الطريق.والحال يكون أكثر صعوبة إذا كان من فئة المهندسين العسكريين الذين يوكل إليهم الكشف عن الألغام وتفكيكها في مناطق قاحلة شهدت حروباً ضارية. وهكذا لا توجد أي شغلانه يمكن أن يعملها المهندس في الخفاء ولا يوجد من يتستر عليه إن أخطأ فغالباً ليس له مساعدين وإن كان فهم من طبقة الصنايعيه الذين يتمنون له الغلط ليفضحوه حتى ولو لم يكن مخطئاً.

لن أسترسل أو أرهق تفكيري أكثر من ذلك في تلك المقارنة الغير العادلة وأترك لكل في تخصصه أن يضيف لها مما يفتح الله به عليه.

أنا إذاً من هذه الفئة الكادحة. فئة "المهندسون في الأرض" مع الإعتذار لعميد الأدب العربي طه حسين عن التقارب في هذا الإسم وإسم روايته الشهيرة "المعذبون في الأرض" وهي رواية جميلة في سردها وعباراتها ولغتها ولعل هناك أيضاً ذلك التقارب في المضمون وهو أن الرواية تحكي عن معاناة وبؤس طبقة مجهولة من الشعب المصري تسكن أماكن مجهولة في أعالي البلاد وتعاني معاناة لا يمكن لأحد أن يتصورها أو يصفها بهذه الفصاحة إلا طه حسين شخصياَ الذي هو أحد أبنائها وهو تقارب ملموس مع حالات البؤس والمعاناة التي يعاني منها أغلب المهندسون.

ولما كنت من هذه الفئة المهنية فكان لزاماً علي أن أسافر للعمل فيماوراء البحارتاركاً ورائي بعض الفرص الفقيرة لمن لم يستطع السفر أو الهجرة.

وكان لزاماً علي أيضاً أن أرجع في يوم من الأيام وأبحث من جديد عن الأصحاب القدامى. ولقيتهم جميعاً بخير والحمد لله يتقابلون على إحدى المقاهي في منطقة شعبية على قارعة الطريق وكأنه قدر إن لم تجبر عليه تختاره بنفسك.


شئ غير قليل يشدني إليهم ويحاول أن يبقيني معهم وهو ذكرى الأيام الجميلة التي قضيناها معاً أيام الجامعة وذكرى الرحلات والمعسكرات والبيات معاً في الكلية وذكرى أيام إنتخابات إتحاد الطلبة وذكرى لقاء الأربعاء الشعري.

وجلست معهم محاولاً كسر ملامح الإبتعاد الطويل والإندماج في مواضيعهم أو في مواضيع عامة يمكن أن تهم الجميع. 

شرب الشاي.
تبادل النكات الرخيصة.
التندر على أي شئ أو كل شئ.
تدخين الشيشه والسجائر أو كليهما معاً.
الإعتراض أيضاً على أي شئ أو على كل شئ.




كتب هذا المقال وحرره/ عاطف شوشه

الــــورع أعلي مراتب الإيمان



كانت لي خالة رحمها الله تعلمني  وأنا طفل  صغير أنني إذا إختلست النظر إلى   مجلة أو جريدة تخص أحداً من الناس في مكان عام وقرأت فيها ولو كلمة واحدة من غير أن أستأذن صاحبها فقد إرتكبت ذنباً لا يقل عن ذنب السرقة وذلك بأخذ ما ليس يخصني بدون إذن مالكه. 
ولم أكن أعلم وقتها لصغر سني ما معنى الورع ولكنني وعيت المعنى العميق وراء كلماتها وظللت طوال حياتي أراقب نفسي حتى لا أحصل إثماً.



و كتب التراث الإسلامي زاخرة بأخبار الصالحين والزهاد وكيف كانوا مثالاً حياً للورع والتقوى. كما ألفت المصنفات الكثيرة التي تتحدث عن الورع وتبين معناه اللغوي كما تشرحه المعاجم العربية ومعناه الإصطلاحي كما عرفه السابقين والمتأخرين وكذلك أنواعه مثل ورع البصر وورع اللسان والسمع واليد والبطن ودرجاته والسبل المؤدية إلى تحقيقه.


ومراتب الورع ثلاثة:
- واجب وهو الإحجام عن المحرمات وهذا للناس كافة.
- الوقوف عن الشبهات ويفعله عدد أقل من الناس.
- الكفّ عن كثير من المباحات والاقتصار على أقل الضرورات وذلك للخاصة


ومن المصنفات التي ألفت في الورع:


"كتاب الورع" لأبن أبي الدنيا

"كتاب الورع" لعبد الملك الألبيري
"كتاب الورع" لأبي بكر المروذي
"كتاب الورع" للإمام أحمد بن حنبل
"الورع" لمحمد بن نصر المروزي


هذا بالإضافة إلى الأبواب الكاملة التي كتبها أئمة عظام عن الورع ضمن مؤلفاتهم مثل:

"أبو حامد الغزالي" في "إحياء علوم الدين"
"إبن القيم" في "مدارج السالكين"
"إبن الجوزي" في "صيد الخاطر"

وأصل الورع الكف عن المحارم ثم أستعير للكف عن الحلال والمباح


وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم الورع كله في كلمة واحدة: "إن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" أي تركه فضائل الأمور أي ما يزيد منها على حاجته أي تركه مالا يحتاج إليه في معاشه أو في عباداته

- فلا يتكلم إلا بالكلام الذي يحتاج إليه "فليقل خيراً أو ليصمت" كما في الحديث
- ولا يأكل من الطعام إلا "لقيمات يقمن أوده" كما في الحديث
- ولا يقتني من متاع الدنيا إلا "كمتاع المسافر" كما في الحديث أيضاً
- ولا يمشي إلا لطاعة كأن يمشي إلى المسجد أو إلى تحصيل علم نافع سواءاً كان علماً دينياً أو دنيوياً أو يمشي لقضاء حاجة أخيه كما في الحديث
- ولا يستمع إلا إلى المباح فلا يقعد "حتى يخوضوا في حديث غيره" كما قال الله تعالى. والإنسان غير مكلّف بما يسمع ولكن بما يستمع إليه.
وكذلك سائر الحركات الظاهرة والباطنة، فهذه الكلمة كافية شافية في الورع.

وقد ذكر أهل التاريخ أن أخت بشر الحافي وهو من الزهاد المشهورين بورعهم جاءت إلى الإمام أحمد بن حنبل وقالت له: إنا نغزل على سطوح بيتنا ، فتمر بنا مشاعل الظاهرية ، ويقع الشعاع علينا ، أفيجوز لنا الغزل في شعاعها؟.
فقال الإمام أحمد: من أنت عافاك الله تعالى؟
فقالت: أنا أخت بشر الحافي.
فبكي الإمام أحمد وقال: من بيتكم يخرج الورع الصادق، لاتغزلي في شعاعها. 

وأُتي إلى عمر بن عبد العزِيز يومًا بمسكٍ من الفيء فوضع بين يديه فوجد ريحه فوضع يده على أَنفه وقال:" أخروه" حتى لم يجد لَه ريحًا وقال:"  إنما ينتفع من هذا بريحه وأنا أكره أن أجد ريحه دون المسلمين".

وكان عمر يصلِي العتمة ثم يدخل على بناته فيسلم عليهن فدخل عليهن ذات ليلة فلما أحسسنه وضعن أَيديهن على أفواههن ثم تبادرن الباب فقال للحاضنة ما شأنهن قالت إِنه لم يكن عندهن شيء يتعيشنه إِلَّا عدس وبصل فكرهن أَن تشم ذلك من أفواههن فبكى عمر ثم قَال لَهن يا بناتي ما ينفعكن أَن تعشين الألوان ويمر بأبيكن إلَى النار فبكين حتى علت أصواتهن ثم انصرف.

قال يحيى بن معاذ: الورع على وجهين: ورع في الظاهر وورع في الباطن. فورع الظاهر: أن لا يتحرك الإنسان إلا لله، وورع الباطن: هو أن لا تدخل قلبك سوى الله.

قال أبو سليمان الداراني: الورع أول الزهد كما أن القناعة طرفاً من الرضا.

قال ابن الأعرابي: المعرفة كلها الاعتراف بالجهل ، والتصوف كله ترك الفضول ، والزهد كله أخذ ما لا بد منه ، والمعاملة كلها استعمال الأولى فالأولى ، والرضا كله ترك الاعتراض ، والعافية كلها سقوط التكلف بلا تكلف. 

قال الشيخ أبوالعباس: "الورع من ورعه الله"

اللهم أجعل الدنيا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا



كتب هذا المقال وحرره/ عاطف شوشه

الأربعاء، 31 يوليو 2019

لماذا وصف طه حسين بلقب عميد الأدب العربى ؟ رسالة مشبوهة

وصلني فيما يصلني يومياً من رسائل كثيرة رسالة إستوقفتني للرد عليها لأنها مثال واضح للرسائل التي يقصد بها شرٌ لكل العرب كافة وللمصريين خاصة والهدف منها واضح جداً لكل من له عين يبصر بها أو شئ من بصيرة توجهه إلي الصواب وتكشف له خبث النوايا من طيبها وهو الإساءة بل هدم كل ما هو جميل وأصيل في ماضينا أو حاضرنا.





وقبل أن أعرض الرسالة كما وصلتني وردي عليها أود أن ألفت النظر إلى أن  كاتب الرسالة قد ختم رسالته بعبارة هي بالتأكيد من المنجيات وهي عبارة "منقول " لكي لا يُنسب إليه سوء السريرة ولكي يعتقد القارئ أنه مجرد ناقل برئ فقط لآراء الآخرين وقد يكون كذلك. كما نلاحظ تكرار الكلمة مرتين حيث كتبت بلفظ "منقوول" مرة ولفظ "منقول" مرة ثانية وأكاد أؤكد أن كل ماهو مكتوب بين اللفظين هو من  إضافات وتجويد مرسل الرسالة نفسه وليس كاتبها وقد أضافه بطريقة توحي بأن هذه التعليقات هي للغزالي أو لكاتب الكتاب الذي لا أعرفه ولم أسمع عنه قبل اليوم الذي وصلتني فيه الرسالة.

أما إسم الكاتب "أحمد كفوزي" فقد بحثت عنه على "جوجل" فلم يتعرف عليه من قريب أو من بعيد وأما إسم الكتاب "حـقـائـق تـاريخيـة" فهو كذلك لا وجود له على أي من المواقع التي تعني بالكتب قديمها وحديثها.


وهذه هي الرسالة كما وصلتني:

[٢٢/‏٧ ١٠:٠٥ ص] احمد كفوزي: لماذا وصف طه حسين بلقب عميد الأدب العربى ؟
--------------------------------------------------
يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله : قرأت للدكتور طه حسين، واستمعت له، ودار بينى وبينه حوار قصير مرة أو مرتين فصد عنى وصددت عنه! 
أسلوب الرجل منساب رائق وأداؤه جيد معجب وهو بين أقرانه قد يدانيهم أو يساويهم ويستحيل أن يتقدم عليهم..
بل عندما أوازن بينه وبين العقاد من الناحية العلمية أجد العقاد أعمق فكرا وأغزر مادة وأقوم قيلا وأكاد أقول: إن الموازنة المجردة تخدش قدر العقاد..

وأسلوب زكي مبارك أرشق عبارة وأنصع بيانا من أسلوب الدكتور طه حسين، ولولا أن الرجل قتله الإدمان لكان له شأن أفضل. 

ودون غمط لمكانة الدكتور الأدبية نقول: إنه واحد من الأدباء المشهورين في القرن الحالى، له وعليه... وحسبه هذا.

بيد أننى لاحظت أن هناك إصرارا على جعل الرجل عميد الأدب العربي، وإمام الفكر الجديد، وأنه زعيم النهضة الأدبية الحديثة. ولم أبذل جهدا مذكورا لأدرك السبب، 
إن السبب لا يعود إلى الوزن الفنى أو التقدير الشخصى، السبب يعود إلى دعم المبادئ التي حملها الرجل، وكلف بخدمتها طوال عمره، إنه مات بيد أن ما قاله يجب أن يبقى، وأن يدرس، وأن يكون معيار التقدم. تدبر هذه العبارة للدكتور (العميد) :
(إن الدين الإسلامي يجب أن يعلم فقط كجزء من التاريخ القومى لا كدين إلهى نزل يبين الشرائع للبشر، فالقوانين الدينية لم تعد تصلح في الحضارة الحديثة كأساس للأخلاق والأحكام، ولذلك لا يجوز أن يبقى الإسلام في صميم الحياة السياسية! أو يتخذ كمنطلق لتجديد الأمة (!) فالأمة تتجدد بمعزل عن الدين)
الإسلام وحده يجب أن يبعد: ويمكن الرجوع لمثل كتابه (مستقبل الثقافة في مصر) لتجد أشباها لهذه العبارات السامة. 
ويشاء القدر أن تقع عينى على هذه العبارة وقد قررت (إسرائيل) وقف الطيران في شركة العال يوم السبت احتراما لتعاليم اليهودية! 
إن الإسلام وحده هو الذي يجب إبعاده عن الحياة العامة، أما الأديان الأخرى فلتقم باسمها دول، ولترسم على هداها سياسات. وظاهر أن الدكتور طه حسين كان ترجمانا أمينا لأهداف لم تعد خافية على أحد عندما طالب بإقصاء الإسلام وأخلاقه وأحكامه، وعدم قبوله أساسا تنطلق الأمة منه وتحيا وفق شرائعه وشعائره. 
قائل هذا الكلام يجب أن يكون عميد الأدب العربي في حياته وبعد مماته، وأن تشتغل الصحافة والمسارح بحديث طويل عن عبقريته، وليكون علما في رأسه نار كما يقول العرب قديما.
أما العقاد وإسلامياته الكثيرة فيجب دفنه ودفنها معه، ومع أن الرجل حارب الشيوعية والنازية وسائر النظم المستبدة، وساند (الديمقراطية) مساندة مخلصة جبارة، فإن العالم (الحر) ينبغى أن يهيل على ذكراه التراب، ليكون عبرة لكل من يتحدث في الإسلام، ولو بالقلم!
فكيف إذا كان حديثا بالفكر والشعور، والدعوة والسلوك، والمخاصمة والكفاح؟ هذا هو الخصم الجدير بالفناء والازدراء
منقووول
كتاب علل وأدوية للشيخ محمد الغزالي
[٢٢/‏٧ ١٠:٠٥ ص] احمد كفوزي: حـقـائـق_تـاريخيـة

-"سعد زغلول "الزعيم الخالد كان مدمنًا للخمور ولعب القمار وأقر بذلك في مذكراته ..

-"هدى شعراوي "التي درسنا سيرتها أنها رائدة التحرر والسيدة الفذّة في العصر الحديث كانت تتباهى أنها أول امرأة ارتدت "الشورت"في شوارع مصر ..

-"معاهدة كامب ديفيد المشؤمة" لا يستطيع أحد أن يطّلع على بنودها حتى الآن ..

-"الموسيقار محمد عبدالوهاب موسيقار الأجيال-كان يفتخر أنه بارك وشهد أول حفل شواذ في مصر ..!!

-"كوكب الشرق أم كلثوم": طلبت من عبدالوهاب تلحين سورة الرحمن لتسجلها بصوتها في الإذاعة وبالفعل لحّنها لها عبدالوهاب وكادت أن تسجلها لولا أن وقف لها الشيخ الحصري بالمرصاد ..

-"قاسم آمين ": صاحب كتاب "تحرير المرأة"بعدما رأى عري النساء في الشوارع ذُهل وقال:لم أكن أطمع في ذلك ..

-"طه حسين": -عميد الأدب العربي-قال:أعطوني قلمًا أحمر لأصحح أخطاء القرآن ..

-"توفيق الحكيم"-الأديب العالمي-كتب رواية سمّاها"الشهيد"تدور عن أن الله ظلم إبليس وأن إبليس لا يجب أن يدخل النار ..

-"نوال السعداوي": "الزنديقة- التي يُظهرها الإعلام الآن أنها رائدة من روّاد الفكر المستنير قالت ذات مرّة: "إن التوحيد ظلم المرأة فلماذا نقول لا إله إلا هو ولا نقول لا إله إلا هي" ..!!

-"فرج فودة" الذي سبّ القرآن، وسخر من وجود الله، وكفّره الأزهر،واغتالته الجماعات الإسلامية لزندقته يسمّيه الإعلام الآن"شهيد الرأي" وعندما تحدّث عنه عادل إمام قال :رحم الله أخي فرج فودة ..!

عزيزي يا من يعتمد في معلوماتك على ما درسناه أو شاهدناه في الإعلام من فضلك إنس ما تعلّمته وابدأ في إعادة تكوين معلوماتك من جديد .
إن التاريخ مزور و إلاعلام مضلل

وحسبنا الله ونعم الوكيل

ياريت ننشرها ليعلم الجميع حقائق التاريخ المزور

منقول

وكان ردي على الصديق الذي أرسل لي هذه الرسالة كالآتي:

 "أرجوألا ننشر مثل هذه الرسائل لأنها رسالة مشبوهة بكل معاني الكلمة تهدف إلى تحطيم كل الرموز القومية المصرية و العربية . هؤلاء الذين وردت أسماءهم في الرسالة هم بشر يخطئون ويصيبون وليسوا أنبياءاً معصومون ولسنا مجبورين على إتباعهم أو الأخذ برأيهم في أي من أمور الدنيا أوالدين . كذلك يجب أن نعترف أن هناك ضريبة يجب أن ندفعها صاغرين مقابل منح الدكتوراه السخية التي يقدمها الغرب لأبناءنا مثل طه حسين وغيره من الكتاب والمفكرين . 

طه حسين الحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعات فرنسا والذي كان وزيرا للتعليم في مصر لم يكن من السذاجة أن يقول مثل هذا الكلام ولا يحسب حساب المتشددين أو ألا يتوقع هجوم الأزهر عليه إلا إذا كان عنده ما يواجه به هؤلاء الشيوخ الذين يعرفهم جيداً فقد كان رحمه الله في يوم من الأيام طالباً أزهرياً . 

وأنا ضد إجتزاء الأحاديث ثم تعميمها على فكر الكاتب أو الأديب. فإذا أردت أن تقتل أحداً فكرياً فتربص به ثم اقتطع جزءاً من حديث له يمكنك تأويله تأويلاً يثير حفيظة العامة والخاصة عليه ثم تقدم وقل هذا هو الرجل وهذا هو كلامه ودينه  وفكره.ولعبة الإجتزاء هذه لعبة معروفة ومكشوفة. 

يجب ألا ننشر مثل هذه الرسائل الهدامة إلا إذا كانت لدينا الشجاعة الكافية لأن ننشر مثلأ ما اختلف فيه صحابة رسول الله الذين نأخذ منهم ديننا الذي ندين به وننشر مثالبهم وما أخطأوا فيه والقبيح من أقوالهم و أفعالهم إلا إذا اعتقدنا أنهم معصومون كالأنبياء وهم بالقطع ليسوا كذلك . 

يجب ألا ننشر مثل هذه الرسائل إلا بعد أن ننشر قصة عبد الله بن عباس حين ولاه علي بن أبي طالب على البصرة فاختلس كل أموال بيت المال وهرب بها في حماية عشيرته إلى مكة حيث أمن بها واشترى بأموال المسلمين القصور والجواري وعندما أنبه عليٌ على فعلته تلك رد عليه بأنه أفضل ممن سيلقى الله وفي ذمته دماء المسلمين قاصداً أن يعير علياً لقتله المسلمين في حروبه مع معاويه. إذا لم ننشر مثل هذه الحقائق فنحن أيضاً نزور التاريخ ونضلل المسلمين."



وقد تظاهر كاتب هذه الرسالة أو مرسلها بأنه يريد الخير للعرب والمصريين كما أنه صبغها بصبغة دينية ليكسب تعاطف القراء  مع ما يعرضه عليهم من أفكار.

ولكي يعزز الكاتب فكرته أنشأ مقارنة بين طه حسين وآخرين ممن لم يقدر على الهجوم عليهم وذمهم معه في آن واحد  فاضطر لمدحهم مجبوراً أوعلى إستحياء ولكي يلقي في خاطرنا أيضاً أنه ليس ضد الجميع وأنه يراعي الحق والعدل في أحكامه فيهاجم هذا لإساءته ويثني على ذاك لصلاحه.

ثم من هم هؤلاء بالتحديد الذين يتآمرون على المسلمين؟
 إذا كان هذا الكاتب يعرفهم فلم لم يعرفنا بهم لنتجنبهم ونحاربهم معه فحربهم ومجابهتهم ليست مقصورة عليه وحده ونحن هنا نطالب بالتخصيص لا بالتعميم ولا نقبل أن يقال لنا أن عدونا هو الغرب كافة أو يسمى لنا أهل ديانة أخرى جميعهم سواءاً كانت ديانة سماوية أو غير سماوية فمن هؤلاء من ليس يعنيه أمرنا في شئ على الإطلاق فهو ليس عدوٍ لنا كما أن التعميم على خطأه البين المتعمد يصيبنا باليأس إذ لا نستطيع أن نحارب كل هؤلاء باعتبارهم أعداءاً لنا. وإذا كان هو لا يعرفهم فهل نحن مطالبون بمحاربة طواحين الهواء مثلنا مثل "دون كيشوت" أم هو محض خيال في عقل شخص مريض ناقم على العرب والمسلمين أن يكون منهم أفذاذاً من علماء وكتاب ومفكرين كان لهم ومايزال دور هام في النهوض بالأمة إلا إذا كان الكاتب هو نفسه المتآمر الأكبر والعميل المسير المدفوع الأجر.

نعوذ بالله من مثل هذه الرسائل ومن كاتبيها و نرجو من مرسليها أن يفكروا قليلاً قبل إرسالها: ماهي القيمة الفعلية التي سوف تعود على قارئها؟ يجب علينا جميعاً أن نكون حريصين لكي لا نشوه ماضينا مثلما نشوه حاضرنا بهدم كل شئ له قيمة في حياتنا.

ألم يقل الله تعالى لرسوله: " ما عليك من حسابهم من شيء"

وحسبنا الله ونعم الوكيل.

كتب هذا المقال وحرره/ عاطف شوشه