الثلاثاء، 28 ديسمبر 2021

المشهد الأخير




 دائماً ما يكون المشهد الأخير هو الباقي في أذهاننا لأي مكان قد زرناه في فترة سابقة من فترات حياتنا . ويظل اسم هذا المكان لاحقاً مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بهذا المشهد بحيث إذا ذكر الإسم أو حتى طاف بخاطرنا ما يشير إليه يتبادر إلى الذهن تلقائياً هذا المشهد طاغياً على كل ما قد سبقه من مشاهدات كانت قد حدثت في نفس ذات المكان.

وقد لا نتذكر هذا المشهد في كثير من الأحيان ولكنه يكون دائماً حاضراً ومسئولاً مسئولية كاملة عن ردة فعلنا اللاإرادية إذا ذكرنا شيء ما بهذا المكان. إذ يقوم عقلنا اللاواعي باستحضاره دون ترتيب منا لذلك.  فنتفاجأ نحن أنفسنا بما قد يصدر عنا من أقوال أو أفعال قبل أن يتفاجأ بها المحيطون بنا. وتصيبنا الحيرة نحن وهم ونتساءل لماذا تصرفنا بهذه الطريقة المفاجئة السريعة قبل أن نأخذ أي فسحة ممكنة من الوقت للتفكير فيما يجب علينا أن نقوله أو نفعله ويتناسب مع الموقف الآني.

وبالطبع إذا أمكننا أن نتريث قليلاً وأن نأخذ بعض الوقت للتفكير فقد نتذكر بعض المشاهد الأخرى التي حدثت لنا في نفس المكان وتؤثر تأثيراً حتمياً في مشاعرنا فتتحول ردة فعلنا من اللاإرادية إلى الإرادية وتصبح أكثر موضوعية وأقل انفعالية. 

ونحن إذا سلمنا بهذا المنطق في تحليل بعض من ردود أفعالنا فإنه يجب علينا أن نكون أكثر حرصاً وعنايةً واهتماماً بالكيفية التي تتشكل بها هذه المشاهد الأخيرة ويجب علينا كذلك أن نتدخل في تشكيل هذه المشاهد ما أمكننا التدخل حتى يبقى ويستقر في ذاكرة الحاضرين وقبل مغادرتهم  ما نحب فقط أن يتذكروه لاحقاً.

أما إذا لم نستطع التدخل في الوقت المناسب لتشكيل المشهد الأخير حسب إرادتنا فإنه يكون من الصعوبة بمكان أن نغيره في وقت لاحق وهو مع ذلك ليس بالشيء المستحيل. إذ يمكننا أن نرتب للقاءات أخرى تنتهي بمشاهد أكثر ملائمة تمهد لعلاقات مستقبلية أكثر نفعاً وإيجابية بالنسبة لنا. والأمر لا يخلو هنا من المخاطرة فقد يترتب على لقاء تصحيحي مشهد أخير جديد أكثر كارثية عما كنا نأمل أو نود إصلاحه.

وهناك أمثلة كثيرة على تأثير المشهد الأخير على تفكيرنا وأفعالنا. 

نحن دائماً لا نحب أن يغادر أحد عزيز علينا من بيتنا وهو غاضب من أمر ما خشية أن يظل المشهد الأخير له بيننا عالقاً بذهنه فلا يعود لزيارتنا مرة أخرى. والعكس صحيح طبعاً فنحن نتعمد أن نغضب شخصاً ما لا نحبه حتى لا يعود لمقابلتنا مرة ثانية.

وقد تعجبت أنا بيني وبين نفسي عند زرت منزل أحد أقاربنا المتوفين وكنت حاضراً وقت وفاته وكان ذلك بعد عدة شهور من الوفاة ووجدت أهله يتكلمون ويبتسمون ويضحكون بطريقة عادية جداً وكنت أتخيل أنني سأجدهم متجهمين لا يتكلمون إلا قليلاً ولا يبتسمون إلا نادراً ولا يضحكون أبداَ. 

"أهل أبي توقفوا عن زيارتنا بعد وفاته رغم أنهم دائمي الإتصال بنا والإطمئنان على أحوالنا ولكنهم يقولون أنهم لا يستطيعون دخول المنزل وهو ليس موجوداً فيه " هذا ما قالته لي إحدى أقاربنا. قلت لها: " كان يجب عليهم الإكثار من زيارتكم وليس العكس". ولما توفت هي وكنت حاضراً للحظات المؤلمة لخروجها الأخير من منزلها لم أستطع زيارة بيتها حتى الآن.

وفي الدراما يكون المشهد الأخير هاماً جداً لأنه يحدد الإنطباع الذي سوف يخرج به المشاهد في نهاية العمل الدرامي ويجعله يحكم على العمل كله إن كان جيداً أو سيئاً.

المشهد الأخير الوحيد الذي نعلمه مسبقاً قبل وقوعه  هو مشهد القيامة. هذا المشهد الذي وصفه لنا الله عز وجل بكثير من التفاصيل والتشبيهات المجازية ووصفه لنا في معظم آيات القرآن بوضع زمن الأفعال فيه في الزمن الماضي وليس في زمن المستقبل كما هو المتوقع في الإخبار عما هو آت وذلك لنعلم أن الأمر واقع لا محالة وأنه قد تقرر وقوعه من ماضي الزمان وحتى من قبل الزمان.

أحاول الآن أن أحصر المشاهد الأخيرة التي كنت حاضراً فيها وكان بإمكاني وقت حدوثها أن أتدخل لتغييرها للأفضل فأجدها أكثر كثيراً مما كنت أعتقد وأجدها من الرحابة الزمنية حتى أنها تغطي عقوداً من سنين عمري وأتعجب كيف أنني لازلت أتذكرها حتى الآن.

فهل هناك فائدة تذكر إذا حاولت تصحيحها أو على الأقل بعض منها ؟


عاطف شوشه







الأحد، 19 ديسمبر 2021

المُلك لك . . . . المُلك لك

 




" المُلك لك . . . .  المُلك لك " 

 هكذا قالت دون أن تلتفت إليَّ من خلفها.

وأكملت: " هذا ما تقوله اليمامات فوق السطوح. تسبح بحمد ربها. "

سكتت هي وعم السكون حولنا إلا من صوت خطواتنا ونحن نصعد على مهل السلم المؤدي إلى سطح البيت. وأنا قد بدأت أصغي باهتمام بالغ إلى الهديل الرخيم الحزين الآتي من أعلى والذي يمس شيئاً في القلب وسط هذا السكون يجعلك لا تمل أبداً من الإصغاء إليه.


أكملت " فوقيه " صعودها إلى السطح وأنا أصعد خلفها. كانت ممتلئة القوام إلى حد ما , لها بشرة بيضاء نضرة , ذات طبيعة باسمة محببة. يصفها كل من يعرفها بأنها جميلة وودودة إلى حد كبير. وكنت أنا أرقبها بخجل شديد فلقد كانت هذه هي المرة الأولى التي أراها فيها وأذكر أنها كانت أيضاً المرة الأخيرة. وكان عمري حينها لم يتجاوز ستة أعوام وربما أقل من ذلك.


في هذا المنزل الريفي البسيط شديد الترتيب بالغ النظافة والهدوء كان يسكن عمي الأصغر في مدينة رشيد على ضفة نهر النيل مباشرة. وكان عمي شديد الحب والتعلق بزوجته " أبله فوقيه " وكانت هي تبادله نفس الحب والعشق. لم يفكر عمي يوماً في التخلي عن زوجته كما أشار عليه الكثيرون لأنها لا تنجب أطفالاً يكسرون حدة هذا الهدوء الذي يعم المنزل بل كان يرفض مجرد التفكير في هذا الأمر رفضاً تاماً.


كان والدي قد صحبني لزيارة بيت عمي في مدينة رشيد إذ كان والدي هو الآخر ودوداً يحب زيارة أقاربه كلما واتته الفرصة لذلك. هكذا تصفه والدتي دائماً. 


لا أذكر شيئاً من مدينة رشيد سوى بيت عمي فمدينة رشيد بالنسبة لي هي هذا البيت الريفي الرابض بهدوء على ضفة النهر وهذا البيت هو بالنسبة لي مدينة رشيد. حتى أنني عندما قرأت بعد ذلك في كتب التاريخ عن أسر ملك فرنسا وهو يحاول الاستيلاء على المدينة واحتجازه في أحد بيوتها كنت أتخيل هذا البيت الذي سجن فيه أنه هو بيت عمي وأن السفن الغازية بجنودها وعتادها كانت ترسو على ضفة النهر أمام بيت عمي.


لا أتذكر أنني رأيت عمي بعد ذلك ولكنني كنت أعلم أنه قضى طويلاً من عمره وهو لا يزل مصراً على موقفه من التمسك بأبله فوقيه رافضاً التخلي عنها أو الزواج بأخرى.


وحدث أن توفي والدي وأنا في سن العاشرة من عمري ودفن في بلدته الصغيرة حسب وصيته. ولا زلت أذكر أنه كان يقول : " المقابر في قريتنا قريبة من المنازل يمر بها المزارعون وهم في طريقهم إلى الحقول صباحاً ومساءاً فيتذكرون موتاهم ويترحمون عليهم ويقرأون لهم الفاتحة". وكان يقول مقولته هذه عن اقتناع تام وكانت سبباً في وصيته. لم نذهب يوماً لزيارة قبر أبي للترحم عليه لبعد المسافة ولصغر سننا حتى أننا لم نفعل بعد أن كبرنا وكأننا قد وكلنا أهل بلدته ليفعلوا ذلك بدلاً منا.


ولسبب لم أعلمه ولا زلت أجهله قاطعتنا عائلة أبي كلها بعد وفاته ولم يحاول أحد منهم زيارتنا أو معرفة أحوالنا أو كيف تسير أمورنا بعد أن فقدنا العائل الوحيد لنا حتى أننا قد نسينا ملامح وجوههم التي وإن تذكرنا بعضها نتذكره وكأنها تأتي من زمان ومكان بعيدين أوكأنها تأتي من ماضٍ بعيد.


علم عمي بوجودي في الإسكندرية لقضاء إجازة قصيرة مع عائلتي وكنت قد تزوجت ورزقت بطفلين. وكان عمي قد انتقل للإقامة في الإسكندرية شأنه شأن كل عائلة والدي. اتصل بي عمي وطلب مني أن يراني وأن ننسى الماضي وكل تفاصيله المؤلمة وما كان من قطيعة استمرت عقوداً من العمر. وأجبته بأنني سأزوره قطعاً قبل مغادرتي الإسكندرية. وكنت أعلم أنه مريض جداً منذ فترة ليست بالقصيرة.


شغلني أمر الزيارة قليلاً لكنني قررت سريعاً ألا أفعل وشعرت براحة ما عندما أتخذت هذا القرار بيني وبين نفسي. لم أستطع أن أهدم جداراً أقامته الأعوام الطوال أو حتى أن أفتح فيه كوة أنفذ منها. والحقيقة هي أنني لم أحاول لأنني لم أجد في نفسي الرغبة لفعل ذلك.

وكأنني كنت من القسوة حتى أنني أردت أن أحرمه من رؤيتي وأحرمه أيضاً من محاولة التكفير عن ذنب القطيعة من جانبه بغير سبب يذكر من جانبنا. وكأنني أردته أن يعاني ولو لفترة قصيرة في الكبر ما عانيته أنا طويلاُ في الصغر. فلم أشعر برغبة في مسامحته بعد هذه السنين الطويلة.


وتوفي عمي بعدها ولم أشعر أيضاً أبداً بالندم على عدم رؤيته عندما كانت هناك فرصة أخيرة لذلك. كان أن انكسر شيء ما في داخلي منذ كنت طفلاً عندما كنت أذكر عائلة أبي ولا أدري لماذا لا أراهم. شيء لا أعرفه ولكنه ظل شيئاً غير قابل للترميم أو للإصلاح.


ما زلت كلما سمعت اليمامات تهدل بصوتها الرخيم العذب على سور شرفتي أذكر هذا السلم البسيط المؤدي إلى سطح ذلك البيت الريفي الهادئ الحالم يغفو في سكون على ضفة النيل في مدينة رشيد الجميلة. 

 وأذكر أن القلوب بيد الرحمن يقلبها كيفما يشاء.

سبحانك ربي 

المُلك لك 

المُلك لك.



عاطف شوشه


الجمعة، 27 أغسطس 2021

كلام في العلم

 



تنقسم العلوم بصفة عامة إلى قسمين علوم ظاهرية وأخرى باطنية.


والعلوم الظاهرية هي ما يُتداول في دور العلم بين  المعلمين  والتلاميذ وهى مرادفة للعقل ومن يَعلمها يُدعى "عالماً".

والعلوم الظاهرية تصلح لك الدنيا


والعلوم الباطنية هي ما يُتداول من علم خاص بين الشيوخ ومريديهم وهى مرادفة للمعرفة ومن يَعلمها يُدعى "عارفاً ". 

والعلوم الباطنية تصلح لك الآخرة


والعلوم الظاهرية من وجهة نظري أربعة أنواع من حيث الإنتفاع بها:


علم نافع 

وهو على ثلاثة أنواع:

الأول: علم ينفع صاحبه فقط كعلمه كيف يسير أموره الشخصية بما يتناسب مع ظروفه التي لا يعلمها إلا هو. وكذلك علمه بحال منزله وزوجته وأولاده.

وقد قيل أيضاً أن هناك ثلاثة أشياء لا يجب أن تتحدث عنها: "ذهبك وذهابك ومذهبك". وهى نصيحة لك أن تقصر علم هذه الأشياء على نفسك فلن ينتفع به إلا أنت.

الثاني: علم ينفع الآخرين فقط كعلم المعلم الذي يعلمه لتلاميذه فهذا العلم ينفع التلاميذ ولا ينتفع به المعلم لبداءته إذ هو يعلم فوقه الكثير ولكنه يبدي لهم ما يتناسب فقط مع قدر عقولهم. 

أو كعلم الموظف بكيفية إنهاء معاملة ما في مكان عمله فيفيد الآخرين بذلك ولا يستفيد هو منه.

الثالث: علم ينفع صاحبه والآخرين وهذا النوع هو علم أصحاب الحرف كالمهندسين والأطباء والبنائين والمحاسبين والمحامين غيرهم.


علم ضار

يضر صاحبه ويضر الآخرين. مثل علوم السحر والشعوذة واستحضار الجن والشياطين وغيرها مما هو ظاهر ضرره من العلوم المستحدثة مثل علم استنساخ الأجنة البشرية أو المخلوقات الأخرى.

والبعض يرى أن كل علم لا يقربك من الله ولا ينفعك في آخرتك هو علم ضار عليك لأنه يحجبك عن الحق سبحانه وتعالى. ويدخل في هذا النطاق عند السادة الصوفية كل العلوم الظاهرية.


علم لا ينفع وجهل به لا يضر 

كعلم ماذا كان يأكل أهل الصين في العصور البائدة. 

أو بأي لغة خاطب الله عز وجل نبيه موسى عليه السلام عند جبل الطور المقدس.


علم ينتقص ويقلل من صاحبه

كمن عنده علم بالخمور والمسكرات وأنواعها وكيفية مزجها وأوقات تناول كل منها ومع أي نوع من الأطعمة يفضل تقديمها وأنواع الآنية التي تشرب كل منها فيها. 

أو علمه بالمواد المخدرة وأين تباع وأين تشترى وقيمة كل منها المادية وكيفية تحضيرها لتعاطيها ومالها من آثار مختلفة على الجسد والعقل والحواس.

أو من يعلم بأماكن تواجد الساقطات من النساء وكيفية التعامل معهن وأسعار الخدمات التي يقدمنها وما إلى ذلك مما يختص بدور الفجور والفسق وأهلها.


وقد يكون السبب في تعلم أيٍ من هذه العلوم السابقة على اختلاف نفعها إما عن قصد للفائدة وإما يكون عن طريق الصدفة أي عن غير قصد مطلقاً أو للحاجة المؤقتة فقط أو بسبب الفضول ليس إلا.


والتعامل مع كل نوع من هذه العلوم يجب أن يكون بحذر شديد وأن يكون عن تفكير وتدبر.


فالعلم النافع يُعلم لمن يستحق فقط أن يتعلمه ويسعى إلى ذلك بشتى الطرق بشغف وإقبال وأن يُبذل الجهد في ذلك. أما من لا يريد التعلم ويختلق من الأسباب ما يدعي بأنها تمنعه من التعلم فيجب ألا يُبذل الجهد مطلقاً في تعليمه.


والعلم الضار يجب ألا يقوم صاحبه بتعليمه لأحد بل يجب عليه صد كل من يحاول تعلمه ما استطاع إلى ذلك سبيلا. وكذلك العلم الذي لا ينفع لا يجب بذل الوقت في تعليمه أو تعلمه.


والعلم الذي يقلل من شأن صاحبه يجب مداراته تماماً بل وإظهار الجهل به إذا تطرق الحديث إليه في مجلس من المجالس هو حاضر فيه بل والتعفف عن سماعه وإظهار التبرم منه. 

وإذا كان لابد سامعه فليظهر من الدهشة والتعجب ما يوحي إلى من حوله بأنه لم يسمع بمثل هذا العلم من قبل ويدعي الجهل به تماماً وإن كان يعرفه حق المعرفة. 

ويتساوى في ذلك ما إذا كان المجلس مجلس جد أو هزل فالأمر لا يرجع إلى نوع المجلس وإنما يرجع إلى صورته التي يجب أن يحافظ عليها أمام الآخرين لكي يحظى باحترامهم الدائم له وقد يكون بعض الحاضرين في مجالس الهزل حاضرين أيضاً في مجالس الجد فيجب أن يكون لك وجها واحداً تظهر به بين الناس وإلا افتضحت ووصفت بالنفاق. 

وإظهار المعرفة بهذا العلم ليس مما يتفاخر به أهل الفضل بل هو يقلل من شأن صاحبه إذ يترك انطباعا دائماً بأنه ممن يتصفون بالسفاهة لأنهم يضيعون أوقاتهم في تعلم ما لا فائدة ترجى منه. 

كما أنه قد يتسبب في الشك فيما يكون له من أخلاق حميدة إذ يظل دائماً هناك احتمال قائم بأن هذا العلم الذي حصله هو "علم معاين" أي علم من اختبر الشيء وعاينه وجربه بنفسه وقد يكون استساغه أو مازال يمارسه.




اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا.


عاطف شوشه


الخميس، 6 مايو 2021

اللهم بدل خير أعمالنا بخير منها

 



اللهم بدل خير أعمالنا بخير منها

اللهم إنا نظن  أننا نعمل  خيراً كثيرا

اللهم وإنه  لا يعلم  خير العمل  إلا  أنت

اللهم غرتنا  أنفسنا وادعت لنا عمل  الخير

اللهم  إنا ظننا أنا  بلغنا من الخير  منتهاه

اللهم قعد بنا حسن ظننا بأنفسنا عن الجهاد

اللهم افتح لنا  من أبواب  الخير  ما لا  نعلمها

اللهم هون علينا من فعل الخيرات  أشقها  علينا

اللهم  مهد  لنا طرق  الخير  كلها   سهلها  ووعرها 

اللهم  ارزقنا  من البصيرة   ما يدلنا   على خير  الخير

اللهم كن دليلنا  ومرشدنا إلى كل خير أنت  أعلم به منا

اللهم إن مفاتح الخير بيديك فافتح لنا من خزائنه ما لا نعلم

اللهم اجعلنا للخير عاملين ما لم يعمله قبلنا  من أنس ولا جان

اللهم اجعلنا للخير فاعلين ما لم  يفعله  أحد في أرض  ولا سماء

اللهم امدد في أعمارنا حتى نعمل من الخير ما يليق بك ويرضيك عنا

اللهم اجعل فعل الخير ديدن أنفسنا وسبيل أرواحنا وهاديها إلى القرب منك

اللهم كن لنا على أنفسنا غالباً  ونصيراً  إن تقاعست  عن الجد في عمل الخير 

اللهم كن معنا على دروب الخير مرشداً ودليلاً وكن أنت النور لنا في آخر الطريق




الأربعاء، 14 أبريل 2021

اللهم إني أصبحت لك اليوم صائماً



اللهم إني أصبحت لك اليوم صائماً منيباً تائباً

اللهم إني راج مغفرتك لي ورحمتك بي

اللهم إني طامع في ما عندك من أجر 

اللهم إني مستجيرك من عذابك


اللهم قني شر نفسي 

اللهم أعني على نفسي

اللهم باعد بيني وبين نفسي

اللهم أنت واجدي وخالقي وخالق نفسي 

اللهم أنت تعلم أن ليس أضر علي من نفسي 

اللهم لا تجعل لأحد غيرك سلطانا على نفسي 


اللهم  إني أتوسل إليك  بحبك  لسيدنا محمد

اللهم إني أتوسل إليك بحب  سيدنا محمد لك 

اللهم  آنسني بقربك  ولا تبعدني عن  جنابك


اللهم اغننا بطاعتك عن معصيتك 

اللهم اغننا بحلالك عن حرامك 

اللهم اغننا بفضلك عن سؤال غيرك 

اللهم اغننا بحبك عن حب خلقك 

اللهم اغننا برضاك عن رضا عبيدك 

اللهم اغننا بك عمن سواك


اللهم لا تجعلنا أشقى عبيدك بأعمالنا

اللهم اجعلنا من أسعد عبيدك بأعمالنا


اللهم تقبلنا في زمرة التائبين

اللهم تقبلنا في زمرة العابدين

اللهم تقبلنا في زمرة الناجين

اللهم اجعلنا عن النار مبعدين 

اللهم اجعلنا من الجنة مقربين

اللهم افتح لنا إليك بابا لا يرد 


اللهم إن هذا جهد عبدك الضعيف المقل المحدد 

اللهم ياذا الكرم 

هب لي من كرمك الواسع 

اللهم ياذا الفضل 

هب لي من فضلك الذي لا تحده حدود 

اللهم يارزاق 

هب لي من لدنك رزقاً يغنيني عن سؤال أحد 

من خلقك 



 

الاثنين، 12 أبريل 2021

اللهم بلغنا رمضان غير فاقدين ولا مفقودين

 



ظللنا لسنين طويلة كلما اقترب شهر رمضان ندعو الله بهذا الدعاء لاهين غير منتبهين تماماً لمعناه الحقيقي والذي يعني أننا ندعو الله عز وجل أن يأتي علينا رمضان بدون أن نفقد أحداً من أحبائنا أو أعزائنا وألا يفقدنا أحد ممن قد يحزنه رحيلنا عنه. 


ويجئ رمضان هذا العام ونحن بحمد الله في زمرة الفاقدين. ونحن مازلنا لا نستطيع أن نلملم أنفسنا بعد أن فقدنا عزيزاً آخر علينا منذ وقت قريب جداً. ونحن لا زلنا نعيش في فترة من عدم الإتزان وعدم التصديق لما حدث. نتلفت حولنا منزعجين مما حل بنا. يتجنب كل منا أن ينظر إلى الحزن الكامن في عيون الآخرين. ونحن في كل أحوالنا نشكر الله عز وجل على ما قضى به علينا وقدر راضين مستسلمين لقضائه وقدره. 


وكنا لا نتصور أن تمضي بنا الحياة بدون من فقدناهم في هذا العام وما سبقه من أعوام ولكن الأيام تمضي والحياة تسير ويهل علينا الشهر الفضيل مرة أخرى ونحن لا نستطيع أن ننسى من فارقونا بكل تفاصيل حياتهم الدقيقة بيننا وبكل تفاصيل ملامح وجوههم التي مازالت محفورة ليس في ذاكرتنا وحسب ولكنها محفورة أيضاً في قلوبنا كجرح غائر لا يبرأ رغم مرور السنين. 


لا زلنا نسمع أصواتهم تتردد كالصدى في الفراغ في داخلنا ونشتاق بكل جوارحنا إلى عباراتهم الحانية وعباراتهم القاسية و إلى الحروف تتجمع وتخرج كلمات من أفواههم.

نتذكر قسمات وجوههم في حالات سعادتهم وفي حزنهم وفي حالات رضاهم وفي سخطهم. 


نستحضر مخزون الذكريات القابع بعيداً في أعماقنا ونقلب المشاهد والصور التي جمعتنا بهم على مر السنين. 

نرى براءة الطفولة وهي تنمو وتزهر في لهوهم وفي ضحكاتهم. 

نرى صباهم وفتوتهم وشبابهم والأمل في حياة قادمة مزدهرة يلمع في أعينهم. 

نرى كهولتهم وإشفاقهم السابغ على أولادهم وعلى من بقي من آبائهم وأمهاتهم. 

نرى رحيلهم عن دنيانا وشعورنا الدفين بالحزن والوحدة الباردة تلفنا بعد فراقهم. 

نتذكر تلك اللحظات المؤلمة الموجعة التي حملناهم فيها فوق أكتافنا ونحن نسرع بهم إلى مقرهم الأخير. 

نتذكر انصرافنا عنهم وعيوننا يملأها المشهد المهيب والشواهد حولنا شاهدة علينا.

نتذكر انصرافنا عنهم وقلوبنا تكاد أن تشق صدورنا وتغادر أجسادنا لتبقى معهم حيث هم. 

نتذكر انصرافنا عنهم وقد روينا الأرض حولهم بدموع الفراق الحارة علها تنبت ما يؤنس صحراء الوحدة القاحلة والأحجار الصماء التي تحيط بهم. 

نتذكر بيوتنا وتتساءل عقولنا وتحتار قلوبنا وكيف نعيش فيها وهي خالية منهم إلى الأبد ؟


عاطف أبو شوشه


السبت، 3 أبريل 2021

ديانات ورسل - الرحمن - "مسلمة بن حبيب الحنفي"


لقد بسملت ليلى غداة لقيتها فيا حبذا ذاك الحبيب المُبسملُ

عمر بن أبي ربيعة

البسملة هي مصدر بسمل، يعني قال: باسم الله، وهذا الذي يُسمى في اللغة بالنحت ، وهو أن يُأخذ لفظين فينحت منهما لفظًا واحدًا. 

يقولون: حوقل، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، وهلل، قال: لا إله إلا الله، وحمدل، قال: الحمد لله، وحيعل، قال: حي على الصلاة، و حيفل، قال: حي على الفلاح وحسبل، قال: حسبنا الله، وسبحل، قال: سبحان الله، و جعفل، قال: جُعلت فداك، و طلبق، قول القائل: أطال الله بقاءك  و دمعز، قال: أدام الله عزك و مشأل، قال: ما شاء الله وسمعلَ: قال السلام عليكم.

وقد اختلف المسلمون فيما بينهم اختلافاً طويلاً حول ما إذا كانت البسملة من القرآن أم لا. وفي ذلك يقول ابن عربي:" لو كانت من القرآن ما أختلف فيها فإن القرآن لا يختلف فيه ". اهـ


ومن الثابت أن سيدنا محمد كان لا يجهر أبداً بالبسملة في صلاته. وعن سبب ذلك يروى عن "سعيد بن جبير" قال: " كان رسول الله يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في مكة وكان أهل مكة يدعون مسيلمة الرحمن فقالوا: إن محمداً يدعو إلى إله اليمامة فأمر رسول الله فأخفاها فما جهر بها حتى مات". والحديث مذكور في كتاب "المراسيل" لأبي داوود صاحب السنن أشهر كتاب في الحديث بعد البخاري ومسلم.

يقول القرطبي في معرض تفسيره لسورة الرحمن: وأنزلت حين قالوا : وما الرحمن ؟ وقيل : نزلت جوابا لأهل مكة حين قالوا : إنما يعلمه بشر وهو "رحمن اليمامة" , يعنون "مسيلمة الكذاب" , فأنزل الله تعالى : " الرحمن علم القرآن ". اهـ

ومن الثابت تاريخياً أن "مسلمة بن حبيب الحنفي" كان قد تنبأ في أرض اليمامة قبل بعثة سيدنا محمد وكان يدعو إلى عبادة "الرحمن" وروي أيضاً أنه كان يسمي نفسه "الرحمن" وأنه أنزل عليه قرآنا أطلق عليه "قرآن مسيلمه".

 وما يدعونا إلى الشك في الرواية التي رواها وتناقلها المسلمون في مسألة "مسلمة بن حبيب الحنفي" أو "مسيلمة الكذاب" كما دأبت كتب التاريخ الإسلامي أن تطلق عليه أسباب كثيرة منها:

أن "مسلمة" لم يسلم كي يرتد ويحارب هو وقومه وخاصة أن قتل المرتد لم يثبت في الإسلام.

- التضارب بين الحديثين الذين يرويان لقاء "مسيلمة" بسيدنا محمد.

- إطلاق صفة الكذب عليه بصيغة "فعال" أي الدائم في الكذب والتي لم يأتي أحد بإثبات منطقي عليها سوى ما يقال بأنه كذب على الله حين تنبأ.

أن اسمه "مسلمة" وقد أطلق عليه "مسيلمة" بصفة أو أسلوب التصغير إمعانا في التقليل من شأنه والتحقير منه وأن هذا الخلق في تحقير الآخرين ليس خلقاً إسلامياً.

ومما ذكره أهل الأخبار عن "مسيلمة" أنه كان أكبر عمراً من الرسول. وأنه كان قد تكهن وتنبأ باليمامة ووجد له أتباعا قبل نزول الوحي على النبي وبهذا لا يتعارض مع كون سيدنا محمد آخر الأنبياء والمرسلين.

ومن الثابت في كتب السيرة أنه قد حدث أكثر من لقاء بين سيدنا محمد ومسلمة الحنفي في مكة والمدينة أي قبل الهجرة النبوية وبعدها وإن أختلف في زمانها وتفاصيلها ولكنها حدثت وأثبتها التاريخ المدون للمؤرخين المسلمين. وإن كان البعض يرجع هذا الإختلاف أو التضبيب إلى محاولة الهيئة الإسلامية  طمس كل أثر يمكن أن يؤدي إلى الإعتقاد بنبوة مسلمة.

ولكنه من المؤكد أن مسلمة أتى النبي في المدينة مع وفد بني حنيفة "وقد ستره قومه بالثياب" إما تعظيماً له أو خوفاً عليه.

ومن الثابت تاريخيا أن سيدنا محمد توفي قبل مسلمة الذي يروى أنه كان من المعمرين وأنه توفي ولم يحارب مسلمة ولم يحث على عداوته أو قتله وأنه توفي ومسلمة نبياً لبني حنيفة على أقل تقدير فيما اعتقد فيه قومه. ولم يوص سيدنا محمد قبل وفاته بغير ما فعل في حياته. 

يقول الدكتور جواد علي في كتابه : المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام :

[... وذكر المفسرون في تفسير قوله تعالى : { وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا }  ، أن مسيلمة كان يُدعى الرحمن . فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، اسجدوا للرحمن قالوا : أنسجد لما يأمرنا رحمن اليمامة يعنون مسيلمة بالسجود له. أو أنهم قالوا : ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة . يعنون مسيلمة "الكذاب".]

ويقول العلامة الدكتور أيضاً :

[هذا ولم أجد في الأخبار المتعلقة بمسيلمة خبراً يفيد صراحة أن مسيلمة كان قد اعتنق الإسلام ودخل فيه. فالأخبار التي تتحدث عن مجيئه إلى يثرب لا تشير إلى ذلك، والأخبار الأخرى التي تتحدث عنه وهو في اليمامة لا تشير إلى قبوله الإسلام كذلك، بل نجد فيها كلها أنه ظل يرى نفسه نبيا مرسلا من "الرحمن" وصاحب رسالة، لذلك فليس من الصواب أن نقول: "ردة مسيلمة"، أو "ارتداد مسيلمة"، أو نحو ذلك، لأنه لم يعتنق الإسلام ثم ارتد عنه، حتى ننعته بالمرتد.]

ويقول في نفس الكتاب:

[وأنا لا أستبعد ما نسب إلى "مسيلمة" من دعوى نزول الوحي عليه، وتسمية ذلك الوحي "قرآنا" أو كتابا أو سِفراً، أو شيئاً آخر،...]. اهـ

ومما هو معلوم لنا بشهادة من القرآن أن مِن الرسل والأنبياء مَن قد تواجدوا في نفس الفترة الزمنية وفي نفس المحيط المكاني الذي يسمح لهم بالتواصل مع بعضهم البعض فقد تقتضي العناية الإلهية بعث نبيين أو أكثر في زمان واحد ولبلدٍ أو قبيلة واحدة كما أفاد القرآن في سورة يس: ﴿إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ﴾(1).

 وعلى سبيل المثال ألم يكن سيدنا إبراهيم نبياً ورزقه الله يعقوب نبياً واسحق نبياً وكان سيدنا إبراهيم ولوط أنبياء في نفس الزمان وإسماعيل كان معهم نبياً ولم يستنكر الله على موسى طلبه فأرسل معه هارون نبياً وسليمان وداود نبيان في زمان ومكان واحد. وزكريا ويحيى وعيسى أنبياء زمان واحد ذكرهم الله في سورة مريم.

ومما يتبادر إلى الذهن من أسئلة قد نسألها هي: 
- إذا كان "مسلمة" نبياً بعث قبل سيدنا محمد فلماذا لم يحاول أن ينشر رسالته خارج نطاق بني حنيفة وإلا لكانت أخبار محاولاته تلك قد وصلتنا بطريقة ما ؟
- لماذا لم يبشر "مسلمة" بسيدنا محمد قبل بعثته أو يؤمن به بعد بعثته ؟
- لماذا انتظر "مسلمة" حتى شاع أمر سيدنا محمد ثم حاول مشاركته في رسالته أو أن يرث الأمر بعد وفاته؟ 
- لماذا أصر "أبو بكر" على أن تؤدي أحياء العرب جميعها الزكاة إلى يثرب بدلاً من أن يخرجوها كما عرض عليه بعضهم في ديارهم وعلى فقرائهم.؟
- وإذا كان "أبو بكر" قد تعهد محاربة "مسلمة" والقضاء عليه عدواناً وظلماً كما يشيع البعض فماذا عن بقية الصحابة الذين كانوا لا يخافون في الحق إلا من ربهم كيف سكتوا عن إظهار الحق ونسبه إلى صاحبه؟ 
- لماذا أساء المسلمون إلي مسلمة خُلُقاً وخَلْقاً أما خُلُقاً فقد سموه كاذباً أما خَلْقاً فقد وصفوه بأنه كان أفطس أخنس أصفر بل حتى هذه الصفات قد ضن بها بعضهم عليه فقالوا كان أفيطس أخينس أصيفر تصغيراً وتحقيراً.

والجواب الأعم على كل هذه الأسئلة هو أن قريشاً (المؤسسة الإسلامية) باعتبارها الطرف المنتصر في الصراع على زعامة الجزيرة العربية قد طمست أمر مسلمة تماماً وذلك لأسباب سياسية واقتصادية . شأنها في ذلك شأن المنتصر في كل الأزمان إذ يقوم هو بكتابة التاريخ وحده ولصالحه وحده.

ولكن حقائق التاريخ تبين لنا بعض التفصيل في الإجابة على بعض هذه الأسئلة:
- أن مسلمة طاف بأحياء العرب و أسواقهم داعياً إلى عبادة الرحمن. ولذلك كانت عبادة الرحمن معروفة لقريش.
- أن مسلمة قد التقى بسيدنا محمد أكثر من مرة كما ذكرنا سابقاً بل لا يستبعد أن يكون سيدنا محمد قد زار اليمامة عارضاً دينه على أهلها كما فعل مع أهل الطائف.
- أن "بني حنيفة" قوم "مسلمة" وباقي قبائل العرب الذين آمنوا به لم يتهاونوا جميعهم عن نصرة نبيهم بعد ما حاربوا معه حتى قتل فنصروه في حياته وظلوا أوفياء له حتى بعد وفاته وحملوا رايته في كل الأوقات؟ 
- قد ثبت تاريخياً أن هناك بعضاً غير قليل من الصحابة قد أنكروا ما سمي بحروب الردة.
- قد قتل دون مسلمة عشرة آلاف من بني حنيفة دفاعاً عنه حتى كادوا أن ينقرضوا وقتل من المسلمين ألفين ومائتي مسلم منهم سبعمائة من القراء.

وكان بنو حنيفة قوم أولي بأس شديد بشهادة المسلمين وأنهم هزموا المسلمين أكثر من مرة وكادوا يفتحونهم:
– حرب مسلمة الحنفي الأولى مع المسلمين وكانوا وقتها تحت قيادة عكرمة بن ابي جهل ,وعكرمة كان واحدا من الذين دخلوا الإسلام  بعد فتح مكة .وانتهت بانتصار مسلمة.
– كانت حرب مسلمة الثانية مع المسلمين عندما كانوا تحت امرة شرحبيل بن حسنة ,احد كتاب النبي في مكة والمدينة ( كتاب النبي :72 )انتهت بهزيمة المسلمين أيضا ,الامر الذي نفخ روح الثقة في بني حنيفة ( تاريخ العرب العام : 109 ).
– أجبر "مسلمة" في النهاية على خوض حرب دفاعية ثالثة في منطقة (عقرباء ) انتهت بمقتله , وكان المسلمون تحت امرة "خالد بن الوليد". 
وكان مقتل "مسلمة" يوم "عقرباء" أن رماه "وحشي" قاتل "حمزة" بحربته في صدره فنفذت بين كتفيه. 
 


كان النبي محمد (صلى الله عليه وآله) قبل الوحي على دين الحنيفية دين جده إبراهيم الخليل (عليه السلام). وقد سئل أبو جعفر عن الحنيفية , فقال: (هي الفطرة التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله , وقال : فطرهم على المعرفة به).
 وكانت الحنيفية معروفة ومنتشرة في الجزيرة العربية وكان الأحناف معروفين في قومهم  ومن أشهرهم "أمية بن أبي الصلت"، "زيد بن عمرو بن نفيل" و "قس بن ساعدة". ومن الحنفاء الذين كانوا لا يتبعون ما عند أهل الجاهلية، وقد أدركوا البعثة وأسلموا: "عمرو بن عبسة السلمي".

ويؤيد بعض الباحثين فكرة أن "مسلمة بن حبيب الحنفي" كان من الأحناف ولكن لم يجرؤ أحد على تسميته حنيفياً غير باحثين معاصرين هما "د. جواد علي" الكاتب العراقي و"حسين مروة" الكاتب اللبناني.

والله أعلم.


عاطف شوشه




الأربعاء، 24 مارس 2021

ديـانـات ورســل - الـقـرابـيـن الـبـشـريــة


أعود مرة أخرى إلى مقدمة كتاب " جدل التنزيل " للكاتب العراقي " رشيد الخيون ".

وهوكما ذكرت سابقاً من هذه الكتب التي استمتعت جداً بقراءة مقدمتها لما جاء في فقراتها من أفكار جديدة ومثيرة ارتبطت سريعاً في مخيلتي بقراءات أخرى سابقة مما جعلني أعيد قراءتها عدة مرات مستغرقاً بشدة في كل ما جاء فيها وأرجع إليها مستشرفاً قراءاتي التالية مؤملاً الإجابة على تساؤلات عديدة أثارتها أفكار تلك المقدمة.

وأعيد هنا تلك الفقرات التي ذكرتها سابقاً ولها علاقة بالموضوع الذي أكتب فيه هذه المقالات. 

يقول د. رشيد : "قبل تفشي الظلمة بحلول العصور الوسطى وتشددها الديني الرهيب في الشرق والغرب على السواء كان المؤرخون يرون أن لا قيود على كشف الماضي". اهـ

ويقول رشيد: "كان الخلاف بين المسلمين حول أمور كثيرة ومنها خلافهم بشأن الله تعالى فما بال اختلافهم حول كتابه وأن هذا الإختلاف لم يؤثر على موقفهم منه". اهـ

ويقول أيضاً وهذا هو موضوعنا في هذه المقالات: " الكتب السماوية التي وصلتنا على ألواح طينية وقطع صخرية من عهد سومر وبابل ومصر القديمة استوعبنا بسهولة تسميتها بالأساطير رغم ما فيها من كلام مقدس ورد في الكتب الحالية ". اهـ

وقد يخلط الكثيرون بين مفهوم الأسطورة ومفهوم الخرافة فيعتقد أنهما مترادفان يدل كل من اللفظين عند استعماله على نفس المعنى الذي يدل عليه الآخر. ولكن هناك فرق هام جداً بين اللفظين في المعنى المقصود منهما. يقول الدكتور "عبد الحميد يونس": إن الأسطورة لها أصل تاريخي أما الخرافة فهي كلها محض خيال وليس لها أصل تنتسب إليه"

وأذكر هنا مثالاً آخر لديانات لم نعلمها أتى بها رسلاً لم نعلمهم ولكن بقي منها بعض طقوسها.  وكنت قد ذكرت في المقال السابق أول مثال لهذه الديانات وهو حدث "المعراج في الديانات الأخرى". وأنا أحرص على أن أتجنب الإساءة بأي وصف قد يتسبب في إهانة هذه الديانات أو الإنتقاص من قدرها وإنما موقفنا منها موقف الذي لا يعلم. فإنه وبنص صريح من القرآن كان هناك رسلاً لم يخبرنا الله عنهم ومن المؤكد أنه كانت لهم تعاليم وطقوس خاصة بدينهم السماوي أمرهم الله بها يعملون ويتقربون بها إليه  لم يطلعنا الله عليها.

المثال الثاني الذي نذكره هنا الآن هو قصة ذبح سيدنا إبراهيم الخليل لولده إسماعيل  التي هي ليست ببعيدة أبداً عن معتقدات بعض الديانات التي كانت موجودة في شمال الجزيرة العربية وخاصة في منطقة  "بطرا" و"دومة الجندل" والتي كان أصحابها يضحون أو يقدمون لآلهتها قرابيناً بشرية وليست بعيدة أيضاً عما كان يفعله قدماء المصريين كل عام من تقديم فتاة شابة جميلة كقربان بشري إلى  "حابي" إله النيل  كي يرضى ويفيض ماؤه. وليست بعيدة أيضاً عن الأساطير الإغريقية التي تقدم فيها القرابين البشرية لإرضاء الآلهة أو الوحوش الأسطورية.

عرب الجزيرة العربية



أما عرب شمال الجزيرة فكانوا يعبدون كوكب الزهرة ويضحون لها وهي المعروفة عند الديانات الأخرى باسم "فينوس" و"عشتروت" وأسماء أخرى متنوعة في بقاع أخرى من العالم وكان يعرف هذا الكوكب عند العرب باسم " العزى". 

ونلاحظ  هنا أن عبادة هذا الكوكب بالذات قد انتشرت في أماكن كثيرة في العالم لسبب ما لا أعلمه حتى الآن.

وكانت العرب تتقرب لآلهتها "العزى"  بقرابين بشرية وكانوا يضحون له بأجود أسراهم الذين أخذوهم في الغزوات ويفضلون لذلك الشباب منهم.

وكذلك عبدت "العزى" في الحيرة وكان ملكها المنذر يضحي لها أيضاً بأسراه وكان منهم أسيره ابن ملك "غسان" وكذلك ضحى لها عدداً كبيراً من راهبات العراق يروى أن عددهم كان أربعمائة راهبة وقعن في الأسر.

وكان العرب يريقون دم القربان الحار ويصبونه على رؤوس الأنصاب والأصنام تسكيناً لغضب الإله وطلباً لرضائه. والنصب هو الحجر الذي تذبح فوقه القرابين ويسمى أيضاً المذبح في بعض الديانات الأخرى.

ولقد امتدت عادة الذبح أو شعيرة إراقة الدماء في "منى" أيام الحج إلى ما بعد الإسلام.

ويروى أن الزهرة هي المرأة التي فتنت الملكان هاروت وماروت بعد أن أذعنا لها ووافقاها على شرب الخمر فسمحت لهما بمواقعتها فرآهما رجل فقتلاه خشية الفضيحة. فبذلك ارتكبا كل الكبائر التي كانت الملائكة تلوم ابن آدم على ارتكابها. حينئذ كشف الله الغطاء فرآهما جميع الملائكة وأقرا بذنبهما وخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا لأنه ينقطع أما عذاب الآخرة فهو خالد.

وكانت الزهرة قد تعلمت منهما الكلمات التي يصعدان بها إلى السماء فلما عرجت للسماء نسيت الكلمات التي يمكنها أن تعود بها للأرض فبقيت في مكانها وجعلها الله ذلك الكوكب الجميل.

ويروى عن عبد الله بن عمر أنه كان يلعنها كلما رآها ويقول هذه التي فتنت هاروت وماروت.

قدماء المصريين



أما قدماء المصريين فنعرف عنهم أكثر عاداتهم وطقوسهم الدينية مما دونوه محفوراً على الحجارة ولكننا نجهل مصدرها الأصلي ذلك لأن العلم عندهم كان من الأسرار التي لا يسمح بتداولها للعامة وكان مقصوراً على الكهنة فقط في داخل المعابد وكان العلم يلقن شفهياً أو عملياً ولم يكن أغلبه مدوناً خشية تسربه إلى الخارج. وهذا ما يبدو لنا حتى الآن من شأنهم. 

ومما هو مؤكد أن الحضارة المصرية لم تعرف القرابين البشرية في أي عصر من عصورها لأي إله مهما علا شأنه. ولو كان هذا من طقوسهم الدينية لوجدناه محفوراً على الأعمدة أو منقوشاً على حوائط معابدهم.

وعيد وفاء النيل الذي يتحدث عنه المؤرخين كان موجوداً بالفعل وتقدم للنيل فيه قرابيناً غير بشرية فضلاً عن الفواكه والخضروات والزهور. 

الأساطير الإغريقية



وقريباً من مصر أبصر "بروسيوس"  وهو في السماء مرتدياً الحذاء المجنح الذي أهداه له الإله "هرميس" ليتم به رحلته المخيفة للقضاء على "ميدوسا" . أبصر من الأعلى "أندروميدا" الجميلة ابنة "كاثيوبيا"  وهي مقيدة على صخرة على شاطئ البحر كقربان تنتظر وحشاً بحرياً ضخماً  ليلتهمها.

تروي الأسطورة أن "بروسيوس" كلفته الآلهة بمهمة خرافية تعجيزية وهي أن يقطع رأس "ميدوسا" التي كانت نظراتها تحول كل من ينظر في عينيها إلى حجارة وكانت تعيش هي وأخواتها (الجورجون) على حافة العالم حيث لا شمس ولا قمر. 

عطف عليه "هرميس" رسول الآلهة فأعاره حذاءه المجنح كي يطير به ويصل إلى حيث مكان "ميدوسا". ورقت له "أثينا" فأعطته درعها الذي يلمع كالمرآه ليرى فيه صورة "ميدوسا" فيقتلها دون أن ينظر في عينيها.

وفي مملكة اثيوبيا كانت الملكة "كاسيوبيا" تتفاخر بأنها أجمل من الحوريات بنات "بوسيدون" إله البحر. فغضب "بوسيدون" كثيراً لجرأتها وتكبرها فأرسل تنيناً بحرياً ضخماً يهدد المملكة كلها ولا يهدأ أو يتراجع حتى تقدم "كاسيوبيا"  ابنتها الوحيدة  الجميلة "أندروميدا" كقربان له . 





رأى "بروسيوس" في رحلة عودته وهو في السماء "اندروميدا" وهي مقيدة إلى صخور البحر وكان يحمل رأس "ميدوسا" فرفعها في وجه التنين فتحول إلى حجارة وتحطم في الحال وأنقذ "اندروميدا". ويلقب "بروسيوس" في الأساطير الإغريقية بأنه " قاطع رأس ميدوسا ومنقذ المرأة المسلسلة".

الذبيحين إسماعيل وعبد الله

نحن نستهجن تماماً أذ نعلم أن بعض الديانات القديمة أو الوثنية كما نسميها والتي عرضنا بعضها قد أقرت بتقديم قرابين بشرية لآلهتها ولا نستهجن فعل  سيدنا إبراهيم من شروعه في ذبح إبنه  ووحيده إرضاءاًً لربه ولم يكن  سيدنا إبراهيم يعلم وهو يجري السكين على عنق إسماعيل عدة مرات أن الرب سيتدخل في اللحظات الأخيرة بل كان ماضياً بكل همته ليتم الذبح امتثالاً لأمر ربه.

وقد نزعم أن تقبل إسماعيل لطلب  سيدنا  سيدنا إبراهيم بذبحه إذعاناً لطلب الرب وإرضاءاً له كان  لسابق علمه ومعرفته  بطقوس ديانات أخرى من أهمها تقديم قرابين بشرية لآلهتها.



وفضلاً عن تقبل إسماعيل الأمر فقد تقبلته أمه هاجر كذلك بإيمان ويقين وهي تعلم أنها سوف تفقد إبنها الوحيد ولكن إرضاء الرب عندها والإيمان به كانا أعلى مرتبة من فقدان الولد.

فإذا كانت هناك خلفية دينية موروثة سببا ً في تقبل هاجر و إسماعيل فكرة الذبح فإننا نقر أيضاً أن الأنبياء قد وهبهم الله علماً خاصاً من لدنه ومنهم  سيدنا إبراهيم وإسماعيل وبهذا العلم  قد تقبلوا عقيدة القرابين البشرية.  

ثم تأتي بعد ذلك بسنين طويلة قصة نذر "عبد المطلب" ذبح ابنه "عبد الله" والد سيدنا" محمد" عندما نازعته قريش على  ماء بئر زمزم  ليؤكد هذا النذر بقاء هذا المعتقد أو هذه الديانة التي تحل القرابين البشرية كوسيلة لإرضاء الرب. 

وكان أن نذر عبد المطلب ذبح أحد أبنائه عند الكعبة عندما نازعته قريش على الكنوز التي ظهرت له عند حفره بئر زمزم عند الكعبة وكانت غزالتين من ذهب اللتين كانت جرهم قد دفنتهم حين أجلت عن مكة حين أغار عليها أعداءها، ووجد فيها أيضاً أسيافاً قلعية وأدرعاً  فنذر لإن رزقه الله بعشرة أبناء يؤازرونه ويحمونه ويدفعون عنه إجحاف الآخرين مثل ما فعلت قريش ليذبحن أحدهم عند الكعبة. 

ولقد هم عبد المطلب وفاءاً لنذره وبعد أن رزق بعشرة أبناء أن يذبح ابنه عبد الله عند الكعبة بعد أن خرجت عليه القداح دون بقية أبنائه عدة مرات ولكن قريشاً منعته حتى لا يستن سنة يتبعها من بعده. واقترحوا عليه أن يستشير في الأمر أحد الكهان الذي أشار عليه أن يفدي عبد الله بذبائح من الإبل. ضرب عبد المطلب القداح عند الكعبة عدة مرات فكانت كلما خرجت على عبد الله زاد في عدد الإبل بمقدار دية قتيل حتى بلغ عددها مائة فافتدي عبد الله بهذا العدد من الأبل.

خاتمة

أليس من الممكن إذاً أن تكون هذه الأديان التي كانت تقدم قرابيناً بشرية كانت أدياناً سماوية ونحن لم نعلم زمانها ولم نعلمها ولم نعلم رسلها مما لم يخبرنا الله تعالى بها. يقول جل جلاله : "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ"؟

أو أن " الكتب السماوية التي وصلتنا على ألواح طينية وقطع صخرية من عهد سومر وبابل ومصر القديمة استوعبنا بسهولة تسميتها بالأساطير رغم ما فيها من كلام مقدس ورد في الكتب الحالية "

وأنا أرى أنه من المنطقي تماماً ألا نحاول أن نجد ربطاً زمانياً بين رسل وديانات قديمة لا نعلم عنها شيئا مما لم يقصه الله عز وجل علينا وبين ما هو معروف لنا من ديانات أخرى قص الله علينا بعضها في كتبه المقدسة.

والله أعلم.


عاطف شوشه





الخميس، 11 مارس 2021

ديانات ورسل - المعراج في الديانات الأخرى

 



أستمتع كثيرا بقراءة مقدمات الكتب إذ هي تفصح على وجه السرعة عما انتوى الكاتب أو المحقق  أن يقدم لنا ولماذا بذل هذا الجهد في إخراج كتابه وما يريد منا أن نفهمه وما يريد أن يبقى في أذهاننا بعد الفراغ من قراءته. 

وكثيراً ما أعود إلى المقدمة بعد أن أكون قد قطعت شوطاً طويلاً في قراءة الكتاب لأتأكد من أنني أفهم جيدا ما أراده الكاتب من كتابه وأنه لايزال على نفس النهج  أو الهدف الذي من أجله كتب كتابه والذي أعلن عنه في المقدمة ثم أقرر حينها أن أكمل القراءة أو أتوقف وأنحي الكتاب جانباً.

وأنا أحاذر جيداً أن أتأثر بمقدمة الكاتب التي يحاول فيها أن يجعلني منحازاً لآرائه وأفكاره وأن يستحوذ على فكري فلا أقارن أو أنتقد ما كتبه واعتبره من المسلمات.

وأذكر هنا كتاباً من هذه الكتب التي استمتعت جداً بقراءة مقدمتها لما جاء في فقراتها من أفكار جديدة ومثيرة ارتبطت سريعاً في مخيلتي بقراءات أخرى سابقة مما جعلني أعيد قراءتها عدة مرات مستغرقاً بشدة في كل ما جاء فيها وأرجع إليها مستشرفاً قراءاتي التالية مؤملاً الإجابة على تساؤلات عديدة أثارتها لدي أفكار تلك المقدمة.

هذا الكتاب هو " جدل التنزيل " للكاتب العراقي " رشيد الخيون ". 

وأنا هنا سأذكر فقط تلك الفقرات التي لها علاقة بالموضوع الذي أكتب فيه هذه المقالة. يقول د. رشيد : 

قبل تفشي الظلمة بحلول العصور الوسطى وتشددها الديني الرهيب في الشرق والغرب على السواء كان المؤرخون يرون أن لا قيود على كشف الماضي". ويقول رشيد: 

"كان الخلاف بين المسلمين حول أمور كثيرة ومنها خلافهم بشأن الله تعالى فما بال اختلافهم حول كتابه وأن هذا الإختلاف لم يؤثر على موقفهم منه"

ويقول أيضاً وهذا هو موضوعنا في هذه المقالة:

" الكتب السماوية التي وصلتنا على ألواح طينية وقطع صخرية من عهد سومر وبابل ومصر القديمة استوعبنا بسهولة تسميتها بالأساطير رغم ما فيها من كلام مقدس ورد في الكتب الحالية ".

أحسست بصدمة معرفية مثيرة بعد قراءة هذه الفقرات وخاصة الفقرة الأخيرة وتداعت أمثلة كثيرة في مخيلتي من سابق قراءاتي تنطبق عليها تماما هذه الفكرة الجدلية.

هي أمثلة مما جاء في الديانات القديمة التي أطلقنا عليها صفات تهينها وتنتقص من قدرها نظن أننا بذلك نرفع من قدر الإسلام رغم ما دعت إليه هذه الأديان من فضائل الأخلاق وعبادة الرب الواحد وحب الآخرين واحترامهم والرحمة بكل مخلوقات الله على أرضه. 

فإذا كان هناك فرضية ما بأن هذه الأديان سماوية ولكننا لم نعلمها فإننا قطعاً نأثم بالإساءة إليها وبما ننسبه لها مما هو ليس منها متعمدين توجيه الإتهامات المخزية لها. 

ولا ننسى أو نتناسى أن الله قد جمع بعض هذه الأديان  التي لا نعترف بسماويتها مع السماوية منها في آية واحدة وقال لنا أنه هو وحده المختص بالفصل بينها. يقول الله عز وجل "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" (17)(الحج). أي أنه عز وجل منعنا من الحكم على هذه الأديان أو على متبعيها لأن هذا من اختصاصه وحده وما هذا إلا لقلة علمنا مقارنة بعلم الله وكذلك لعجزنا عن الإحاطة بالأمور كلها قديمها وحديثها قريبها وبعيدها. 

على الرغم أيضاً من علمنا وبنص صريح من القرآن أن هناك رسلاً لم يخبرنا الله عنهم ومن المؤكد أنه كانت لهم تعاليم وطقوس خاصة بدينهم السماوي أمرهم الله بها يعملون ويتقربون بها إليه  ولم يطلعنا الله عليها.


ومن هذه الأمثلة التي قد نراها بطريقة مختلفة إذا فكرنا فيها بمنطق مختلف متكئين على هذه الفكرة  قصة الإسراء والمعراج. فقد ذكرت أديان أخرى روايات تفيد بأن أنبيائها صعدوا أيضاً إلى  السماء.

وإذا كنا نعرض هنا ما ترويه الأديان الأخرى من صعود أنبيائها إلى السماء لمقابلة ربها لسبب قد قرره الرب إما للتأكيد على وجوده أم لأخذ التعاليم الدينية عنه أو للرؤية والمشاهدة والتمتع بالقرب من الخالق كجائزة إلهية يمنحها الخالق للصادقين في عبادته أو لكل هذه الأسباب مجتمعة.

 ونحن بالطبع لا نستطيع الجزم بحدوث هذا الصعود في مثل هذه الأديان من عدمه. ولكن إذا كنا نصدقه على نبينا محمد فهو من الأمور الممكن حدوثها بفضل الله عز وجل وقدرته ومشيئته. 

وإذا كنا لا نعلم علم اليقين إذا كانت هذه الديانات سماوية أم لا إستناداً لقول الله عز وجل "ومنهم من لم نقصص عليك" فهناك الإحتمال القائم أن تكون سماوية وأن يكون صعود أنبيائها مماثل لصعود نبينا. 

وإذا وضعنا هذا الإحتمال قيد الإعتبار منطبقاً على دين مشكوك في سماويته فإنه بالنسبة إلى دين مؤكدة سماويته لا يكون إحتمالاً بل حقيقة مؤكدة.



الصعود إلى السماء عند " الشامانية " : سيبيريا ووسط آىسيا

 الشامانية  هي أقرب لكونها ظاهرة دينية من كونها ديناً، كما هي تقنية الوَجْد ، بين قبائل سيبيريا ووسط آسيا . تقوم الشامانية على الاعتقاد بانفصال الروح عن الجسد ، في حالة حدوث الوجد الكامل ، أي الغيبوبة ، وطيران الروح إلى السماء ، من خلال ثقب يساعدها عبوره على الانتقال من سماء لأخرى ، وصولا للسماء العليا ، فلقاء الإله وجها لوجه .

طقوس تنصيب الشامان أي رجل الدين، ، تعتمد إعادة تمثيل صعود الروح إلى السماء بعد الوصول لحالة الوجد العميق ، بالحركات والإشارات الصعود الصعب من سماء إلى سماء ، حتى السماء التاسعة . وإذا كان قويا فحتى السماء الثانية عشرة ، وحتى للأعلى ، ويخاطب رب العالم العلوي ، بخشوع ، مبتهلا إليه منحه حمايته وبركاته . وكما قلنا يحدث ذلك لحظة الوصول بحالة الوجد إلى الذروة.

الصعود إلى السماء عند السومريين – أرض الرافدين

وتزودنا الآداب السومرية بأسطوريتين من أساطير الصعود إلى السماء ، تعود الأولى منهما إلى العصر السابق على عصر نشوء الممالك في أرض الرافدين ، بينما تنتمي الثانية إلى عصر لاحق .

الأولى: صعود أدابا

تحكي الأسطورة الأولى قصة صعود حكيم اسمه "أدابا" ، من "إريدو" ، إلى السماء ومشاهدته عن قرب لبهاء وتألق الإله "آنو" – كبير الآلهة السومرية - ، هذا البهاء الذي " لا يمكن لبشري أن يتحمله " .

تبدأ قصة الصعود من أن الإله "إيا" ، إله الحكمة والمعرفة والخلق ومهارة الصنع  الإله القريب من البشر ، اختار "أدابا"  العالم والقديس ذا اليد الطاهرة  الساهر على إقامة الطقوس وتقديم القرابين المختلفة اختاره لتعليمه الحكمة و" ليكون مثالا بين البشر ، حكيم لا يمكن لأحد رفض كلمته " ، وأراد له " أن تصبح كلمته مماثلة لكلمة "آنو" ولذلك فقد " منحه إدراكا واسعا يمكنه من كشف المصائر في البلاد . وهبه الحكمة ولكنه لم يمنحه الحياة الأبدية " .

وصل رسول "آنو" لحمل "أدابا" إلى السماء :" جعله الرسول يأخذ طريق السماوات ، وأُصْعِدَ إليها " . وأخيرا عبر بوابة "آنو" ومَثُلَ أمامه .لكن "أدابا" كان قد "تأمل السموات ، من قاعدتها حتى سمتها ، وأمكنه التمتع برؤية تألق "آنو" الإلهي الذي لا تُحْتَمل رؤيته " . وقرر الإله "آنو" :" كل ما ستسببه ريح الجنوب من شر للبشر ، وأي مرض ستضعه في جسم البشر ، مع "أدابا" ستتمكن "نينكازاك" – إلهة الصحة والشفاء – من تهدئتهما ، وعند ذلك فليتبدد الشر وليبتعد المرض " .

والثانية: صعود "إيتانا"

تقول الأسطورة الثانية ان "إيتانا" ملك "كيش" ، كان رجلا صالحا يخدم الآلهة باستقامة وورع ، ينحر القرابين ويحترم أرواح الموتى ، لكنه لم يرزق بابن يخلفه على عرش كيش . تضرع "إيتانا" للإله "شمش" طالبا مساعدته في الحصول على العشبة التي تساعد زوجته على الحمل . الإله "شمش" دله على نسر ملقى في حفره ، منزوع ريش الجناحين ، يصارع الموت جوعا وعطشا ، عقابا له على خيانة عهد التزم به ، وهو من يعرف مكان العشبة . "إيتانا" وصل إلى الحفرة ، أنقذ النسر ، رعاه شهورا ، حتى عاد ريش جناحيه واستعاد كامل قواه. 

ويشير النسر الذي اعترف بجميل "إيتانا" إلى أن العشبة عند "عشتار" التي تجلس على عرشها في سماء فوق سماء "آنو". يتفق على حمله إلى سماء "آنو". يحمله على ظهره ويصعد به ، وكلما ارتفع يسأل "إيتانا" عما يراه.  ولأن الألواح المكتوب عليها الأسطورة عُثِر عليها مهشمة ومشوهة ، بقيت تفاصيل باقي الرحلة والوصول لسماء "آنو" ومن ثم لسماء "عشتار" فالعودة للأرض غير واضحة ، لكن يفهم منها أن "إيتانا" عاد ، أكمل حكم "كيش" 635 سنة في رواية ، و1500 سنة في رواية أخرى ، وأن ابنه خلفه وحكم "كيش" 400 سنة ".

قصة صعود أخنوخ – إدريس

أخنوخ هو النبي إدريس عند المسلمين . وتُجمع كتب العهد القديم  كما القرآن في سورة مريم الأية 56 ، تجمع هذه الكتب المقدسة على أن أخنوخ رُفع إلى السماء لأنه نال رضى الله .

ويروي سفر أخنوخ – مخطوطات  قمران تفاصيل رحلة الصعود الأولى إلى السماوات ، ومقابلة أخنوخ للرب ، والتعاليم التي كلفه الرب بنقلها إلى الأرض . تلك التعاليم التي أفرغها أخنوخ في 360 كتابا كما قال ، والتي أمهله الرب شهرا واحدا لنقلها لأبنائه ، فإصعاده للسماء بعدها { ورفعناه مكانا عليا } حسب القرآن .

يبدا سفر أخنوخ رواية الصعود الأولى بالقول أن أخنوخ حلم في نومه ، بعد إتمامه من العمر 365 سنة بملكين عظيمين . أيقظه الملاكان ، تحول الحلم إلى حقيقة ،وأبلغاه بأمر الرب إصعاده إلى السماء . أبلغ أبناءه بالأمر. 

حمله الملاكان على أجنحتهما إلى السماء الأولى ، ثم أخذا ينقلانه ، بعد إتمام الجولة فالمشاهدات في كل سماء ، من سماء لأخرى حتى السابعة ، ليجد نفسه أمام عرش الرب ، وحيث يلتقيه وجها لوجه ، بعد أن شجعه الملاك جبرائيل وأزال الرهبة التي تلبسته . 

وكان قد رأى في يمين السماء الثالثة الفردوس التي أعدها الرب لعباده الأبرار ، وفي شمالها شاهد جهنم التي أعدت للظالمين . 

وفي السابعة أمر الرب أحد رؤساء الملائكة ، واسمه "وارويل" ، بإعطاء أخنوخ قصبة من مستودعات الكتب . أمضى "وارويل" ثلاثين يوما وثلاثين ليلة وهو يلقي التعاليم التي أمر الرب بها على أخنوخ دون أن تسكن له شفة ، وحيث أمضى أخنوخ أربعين يوما وأربعين ليلة لهضمها وحفظها . بعدها ،وبأمر الرب ، أعاده الملكان إلى الأرض لينقل كل ما سمع ورأى لأبنائه ، وليفرغها في 360 كتابا . وبعد إكمال المهمة عاد الملاكان ، وحملاه من جديد إلى السماء ، ولتفيض روحه ، بعد وقت ، هناك .

الزرادشتية – بلاد فارس ( إيران )

تقول الأسطورة الفارسية أن زرادشت ، قبل بعثته ، رأى ، وهو يقف على رأس جبل ، نورا يسطع فوقه ، وإذا بالنور صادر عن كبير الملائكة الذي جاء ليقوده إلى السماء ، ولكي يلقى الرب ويستمع منه إلى تكليفه بأمر النبوة والرسالة . صعد زرادشت إلى السماء على ظهر حصان طائر . وبعد السماء الأولى رافقه إلى السماء السابعة ملاك عظيم . وفي السماء السابعة وقف بين يدي الرب. وبعد تلقي الرسالة ، والتكليف بالبعثة ، طاف على السماوات ، وشاهد ما فيها. 

بعد العودة إلى الأرض تم توثيق موضوعات الرحلة كتابة ، نقوشا ورسومات على الأعمدة والحجر، وحيث ما زال أكثرها قائما حتى يومنا هذا.

بعد مرور قرون ، وتعاقب أجيال ، طرأ نسيان لتعاليم زرادشت . اختارت السماء واحدا من أهله وقع عليه سبات . انفصلت الروح عن جسده الذي بقي في حالة السبات ، وسافرت الروح إلى السماء . 

وبقيادة رئيس الملائكة ارتقى طبقات السماء ، بدءا من طبقة الكواكب – السماء الأولى - ، مرورا بطبقة القمر – السماء الثانية – ، فطبقة الشمس – السماء الثالثة – ، وحتى وصل السماء السابعة . وبعد مقابلة الرب طاف على الجنة كما شاهد النار. وبعد العودة تم تدوين أحداث الرحلة في كتاب " أرتاويرف نامك ".



صعود النبي إيليا

ويحكي لنا العهد القديم من الكتاب المقدس – التوراة - قصة صعود النبي إيليا – مار الياس – إلى السماء . لكن رحلة الصعود هذه لم تكن لملاقاة الرب وتعلم الحكمة والتزود بتعاليم يعود بها لهداية الناس . كانت نوعا من الإختطاف استهدف حماية إيليا من تهديدات بالقتل لاحقته أينما حل .

ذلك أن النبي إيليا واجه ردة أهل مملكة السامرة إلى دينهم الأصلي ، الكنعاني . شيدوا للبعل معبدا على الكرمل ، أقام كهنة البعل فيه الطقوس وقدموا الأضحيات للبعل. 

استدرج إيليا كهنة البعل إلى مناظرة تفضي نتيجتها إلى اعتراف الخاسر بفساد ديانته وصلاح ديانة الفائز . فاز إيليا . قتل 450 كاهنا . حرق المعبد ودمره . لاحقه أتباع البعل بطلب قتله ، حيث نجح في حرق وقتل سريتين من الجنود لاحقتاه. 

لكن تواصل ملاحقته دفعه لمواصلة الهرب ، جنوبا إلى بئر السبع ثم غربا إلى جبل طور سيناء ، حيث قضى أربعين يوما وليلة مختبئا في مغارة هناك وبعدها استأنف الهرب شرقا هذه المرة ، فعبور نهر الأردن ، بصحبة النبي أليشع ، فالاختطاف والصعود إلى السماء.

وقائع الاختطاف – الصعود - سجلها الإصحاح الثاني من سفر الملوك الثاني وعلى النحو التالي : [ وأخذ إيليا رداءه ولفه وضرب الماء فانفلق إلى هنا وهناك وعبرا كلاهما في اليبس 9 ولما عبرا قال إيليا لأليشع اطلب ماذا أفعل لك قبل أن أؤخذ منك . فقال أليشع ليكن نصيب اثنين من روحك علي 10 فقال صعبت السؤال ، فإن رأيتني أؤخذ منك يكون لك كذلك وإلا فلا يكون 11 وفيما هما يسيران ويتكلمان إذا مركبة من نار وخيل من نار ففصلت بينهما وصعد إيليا في العاصفة إلى السماء 12 وكان أليشع يرى وهو يصرخ يا أبي يا أبي مركبة إسرائيل وفرسانها . ولم يره بعد ذلك . فأمسك ثيابه ومزقها قطعتين 13 ورفع رداء إيليا الذي سقط عنه ورجع ووقف على شاطئ نهرالأردن 14 ] . وضرب أليشع مياه نهر الأردن برداء إيليا فانفلق النهر إلى هنا وهناك.

صعود المسيح إلى السماء

جاء صعود المسيح مقاربا لصعود إيليا في الهدف. لم يكن هدف الصعود ، في الحالتين ، منح الصاعد الحكمة ، أو تكليفه بحمل الرسالة ، أو تعليمه فروض الدين الجديد . كان الهدف إنقاذ إيليا من قبضة أعدائه ، ورفع جسد المسيح من قبره وحفظه من البلاء . صعد إيليا جسدا وروحا بمركبة وبخيل النار ، فيما لم يقل لنا العهد الجديد شيئا عن كيفية صعود جسد المسيح .

صعود النبي محمد نبي الإسلام إلى السماء

وحديث المعراج لم يرد به نص صريح في القرآن ، وتعددت الروايات عنه منسوبة للحديث على لسان النبي نفسه ولأن الفروقات في عرضها واسعة ، فقد اخترت عرضي البخاري ومسلم في الصحيحين . لكن ولأن الحديث المنسوب إلى أنس بن مالك في الصحيحين ؛ 3207 و3887 في البخاري و259 في مسلم ، جاء مختلفا في الصياغات ، ولأنه طويل ، فقد اجتهدت في تلخيصه بحذف التكرار ، معتمدا الجوهر ، وعلى النحو التالي :

انفرد البخاري في الإشارة إلى عملية شق لصدر النبي ، إخراج قلبه وحشوه بالإيمان ، قبل البدء في رحلتي الإسراء والمعراج.

تلا العملية إحضار البراق الذي هو دابة بيضاء بين الحمار والبغل. 

يقول البخاري أن النبي ركب البراق وانطلق به جبريل حتى السماء الأولى ، يقول مسلم أن النبي حين الوصول إلى بيت المقدس ربط البراق بالحلقة التي يربط بها الأنبياء ، 

وبعد الصلاة ركعتين في المسجد جاءه جبريل بإناءين ، واحد من خمر والآخر من لبن فاختار اللبن. فيما يقول البخاري أن العرض شمل ثلاثة أواني ، للخمر واللبن والعسل ، وأن العرض وقع في السماء السابعة وأن جبريل علق على اختيار النبي للبن بالقول : هي الفطرة أنت عليها وأمتك .

وتتفق رواية الشيخين في أن جبريل ظل عند الوصول لبوابات السماوات يستفتح حارس البوابة ، أي يطرق على البوابة مستأذنا تنفتح البوابة ، ويرحب حارسها بالنبي ، ويتكرر المشهد بذات الأسئلة والردود عند البوابات الست التالية .

يلتقي النبي بآدم عند البوابة الأولى وبعيسى المسيح ويحيى بن زكريا عند البوابة الثانية ويوسف الصديق ، والذي أُعطي شَطْر الحُسْن حسب مسلم ، عند الثالثة ،وإدريس عند الرابعة ، وهارون عند البوابة الخامسة ، وموسى عند السادسة ،وإبراهيم عند السابعة ، والذي كان مسندا ظهره للبيت المعمور حسب مسلم . 

وفيما باركه آدم وإبراهيم بالقول :" أهلا بالابن الصالح والنبي الصالح " وباقي الأنبياء بالقول :" أهلا بالأخ الصالح والنبي الصالح " حسب البخاري.

وفي السابعة رُفِع النبي إلى سدرة المنتهى أولا ثم إلى البيت المعمور.

في طريق العودة وفي السماء السادسة سأل موسى وأجاب النبي بفرض خمسين صلاة في اليوم والليلة عليه وعلى أمته . نصحه موسى بالعودة إلى الله وسؤاله التخفيف .  حتى استقر الفرض على خمس صلوات ، قال موسى أنها كثيرة وأن أمتك يا محمد لن تطيق . ويجيب النبي :" لقد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه "

تتحدث الروايات الأخرى ، ومنها رواية ابن عباس مثلا ، عن وصف النبي للسماوات ، مادة تكوينها ، واحدة من حديد وثانية من فضة ..الخ وعن المسافات بينها ، سمكها ، مسير خمسمائة سنة ، أعداد الملائكة الغادين والرائحين في كل منها ، كما وتطنب رواية ابن عباس في عرض النبي لمشاهداته في الجنة والنار ، مما لا أظن أن هناك حاجة لعرضه هنا.

 بعض الروايات قد قالت بأن الصعود استمرار للإسراء ، وأنه تم على ظهر البراق ، قالت روايتا البخاري ومسلم أن جبريل هو من تولى تنفيذ عملية الصعود.


والسؤال الذي يطرحه البعض عن قصص الصعود إلى السماء هو:

ما حاجة الإله ، وهو الذي إذا أراد شيئا أن يقول كن فيكون ، إلى استقدام مخلوق هو خلقه ، ليلقنه تعاليم دينه ، وليبعثه إلى قومه يبشرهم بهذه التعاليم وينذرهم بسوء العاقبة إن رفضوها أو خرجوا عليها ؟

والله أعلم.


عاطف شوشه