الأربعاء، 27 يناير 2016

ففروا بدينكم



هذا المقال كتبته أيام حكم الإخوان المسلمين بعد أن ضاق الحال بالجميع من حكمهم من كان مؤيداً لهم ومن لم يكن. من أحبهم ومن لم يحبهم. من انتخبهم ومن لم ينتخبهم.

وأود أن أقرر هنا أنه لا يجدي مطلقاً أن نسميهم بغير أسمهم كأن نقول جماعة الإخوان فقط بدون مسلمين أو الجماعة الإرهابية أو أي إسم آخر.

فالأسماء لا تتغير بمرور الزمن وسواءاً كان ولدك صالحاً أو طالحاً بعد أن وصل إلى سن الرجولة فلن يغير هذا من أسمه الذي سميته إياه حين ولادته وكلك آمال عريضة أن يكون شخصاً صالحاً تفخر به بين الناس. وكذلك لن يتبدل حاله إذا تغير أسمه.

ويجب أن ننتبه إلى أن تغيير الأسماء في الحاضر هو نوع من الهروب من أفعال الماضي التي التصقت بالأسم القديم وذلك بأن نقدم أنفسنا للناس بإسم جديد وربما بأفعال جديدة حتى ينسى الناس الماضي الذي حُكم علينا بالرفض المجتمعي بسببه. ولكن إذا كان الأسم الجديد مرتبطاً أشد الإرتباط بالقديم ويذكرنا به دائما فلا جدوى من هذه المحاولة البائسة.

أرسلت هذا المقال إلى جريدة اليوم السابع لتنشره في باب مقالات القراء ولكنه لم يجد طريقه لصفحات الجريده.

واليوم ونحن نمر مرة أخرى بذكرى الثورة أجد انه من المناسب جداً أن أضع هذا المقال هنا ربما يكون فيه عبرة يستفاد منها في وقت ما.




ففروا بدينكم ............

أهدي هذه الواقعة البسيطة إلى كل إخواننا في جماعة الإخوان المسلمين وكذلك إخواننا من الجماعات السلفية.
أعترف و للمرة الأولى أنني شاركت في مظاهرات 18 و 19 يناير عام 1977 والتي أطلق عليها الرئيس الراحل أنور السادات اسم انتفاضة الحرامية ولكني أشهد الله أنني لم أسرق شيئاً وكل ما فعلته هو الاشتراك في المظاهرة التي خرجت من كلية هندسة عين شمس في ميدان عبده باشا في العباسية  إلى مجلس الشعب و عندما وصلنا ميدان التحرير جلست مع صديق لي لنستريح من طول المشوار. و أكملت المسيرة طريقها إلى المجلس وما أن غابت في شارع قصر العيني حتى فوجئنا بناقلات جنود الأمن المركزي تغلق الشارع خلف المسيرة و توقعنا الأسوأ فغادرت أنا وصديقي الميدان عائدين إلى منازلنا وكان الله في عون من حوصر هناك يومئذ.
كان لابد من هذه المقدمة القصيرة ليعرف القارئ الفترة الزمنية والظروف التي أحاطت بما سأرويه وإن كان بسيطاً في سرده إلا أنه عميقاً في معناه.
كان لي وقتها صديقان كلاهما اسمه الأول على نفس إسمي ولكن شتان ما بينهما الأول كان من الجماعة الإسلامية بالكلية و الثاني كان مسيحياً ولأنني بطبيعتي مستمع جيد فقد اعتادا أن يتبادلا معي كل على حده أحاديثاً طويلة يحاول فيها  كل منهما أن يستميلني إلى مذهبه وعقيدته وكنت أحبهما واحترمهما و أقدر لكل منهما دوافعه.
وكان لنا صديق آخر ينتمي إلى ما يمكن أن يعرف بالبوهيميين  شعره طويل دائماً منكوش منفوش ملابسه غير مرتبه يرفض دوماً الالتزام بما يسمى العرف السائد و كنا نطلق عليه اسم محمد مانسون ومانسون هذا لمن لا يعرف كان زعيما لطائفة الهيبيز التي كانت منتشرة في أجزاء كثيرة من العالم في هذا الوقت وكان لها فلسفتها الخاصة تجاه المجتمع والإعتقادات السائدة المسيطرة على العالم.
وإليكم الحادثة التي ما زلت أذكرها حتى الآن. ففي إحدى الأيام رأيت صديقي المنتمي إلى الجماعة الإسلامية يقف غير بعيد مع محمد مانسون ولم أكن في حاجة إلى كثير من الذكاء لأعرف فحوى الحوار بالطبع كان يدعوه إلى ما كنت أتوقعه من التمسك بدينه و البعد عن التشبه بالكفار وعدم مخالطة الفتيات في الكلية وما إلى ذلك ولكن ما كنت فعلاً لا أتوقعه هو ما حدث بعد ذلك فما أن انتهى صديقي المنتمي إلى الجماعة الإسلامية من عرض فكرته بإسهاب واضح حتى رأيته يسرع مبتعداً وفي ارتباك شديد عن محمد الذي لم يوجه إليه إلا بضعة كلمات قليلة رد بها على دعوته له. و لا أخفي عليكم كنت آمل في أن أري حواراً أطول أو ربما أكثر حدة من ذلك بكثير وكنت أترقب اللحظة المناسبة لتدخلي في الحوار و المناقشة ولكنني لم أظفر بشيء من ذلك. توجهت على الفور و أنا في شدة الفضول إلى محمد مستفسراً منه عن الكلمات القليلة التي رد بها علي صديقي المنتمي إلى الجماعة الإسلامية وجعلته يهرول ويفر بعيداً عنه فقال لي: "أبداً ولا حاجه أنا بس قلت له ماتحاولش تقنعني إن الإسلام بيقول كده لأني لو اقتنعت فعلاً ممكن من النهارده أروح أشوفلي دين تاني".
أهدي هذه الواقعة البسيطة إلى كل إخواننا في جماعة الإخوان المسلمين وكذلك السلفيين وأقول لهم هل تدركون مدى الضرر و العطب الذي أصاب الكثير من المسلمين في عقيدتهم نتيجة لممارساتكم السياسية التي أقل ما يقال عنها أنها كانت دعوى صريحة للتندر على الإسلام و المسلمين سواءاً من أهله أو من غير أهله.
لن أسهب في وصف ما فعلتموه أو في وصف القضايا الدينية التي أثرتموها فقد وصف ذلك خصومنا خيراً منا ولكني أعترف أيضاً أنني لم أتخذ موقفاً مؤيداً لكم من أول الثورة وكان اختياري لكم دائماً يجيء الاختيار الثاني هل تعرفون لماذا؟ لأنكم أعلنتم فور خروجكم إلى الناس أنكم أتيتم لتعلموننا الدين الحق وكأننا لم نكن على دين قبل أن تخرجوا إلينا. وأنا الذي أنتمي إلى عائلة عرف عنها دائماً عمق تدينها وتمسكها بتعاليم الإسلام وأنتم بالنسبة لي مجهولون بمذهبكم و شخوصكم.
لذلك أدعوكم إلى الفرار بدينكم وما تعتقدونه من المشهد السياسي كما فر صديقي المنتمي إلى الجماعة الإسلامية قبل أن يصل الضرر بالمسلمين إلى جوهر عقيدتهم أو يخرج أحدهم من الملة بسببكم ولن تستطيعوا وقتها أن تفتونا على من يجب أن يقام الحد ..  على الذي خرج من الملة أو على الذي كان سبباً في خروجه منها هذا إذا صح أن كان هناك حداً يقام.
لا تعودوا إلينا إلا إذا خرج منكم حزب إخواني جديد من الشباب يعرفون متى و أين وكيف يعرضون قضايا الدين و العقيدة وما هو منها ما يهم عامة المسلمين وما هو منها لا يهم إلا الخاصة فقط ولا يجب ألا يناقش على الملأ ليفتي فيه كائناً من كان ويتندر عليه الجاهلون.
ففروا بدينكم ............

كاتب المقال: مهندس عاطف أبو شوشه
مصري مقيم بالسعوديه









الاثنين، 25 يناير 2016

عيون المها



من يقرأ القصائد التي ألفها العرب قديماًيجد فيها أغراضاً شعرية مختلفة، فيقف فيها على المديح، والرثاء، والغزل، والوصف، والهجاء، والفخر، والحِكمة، والاعتذار، والشعر التعليمي الذي يهتم بنظم حوادث التاريخ.

والقصة التاليه هي مما يشيع بين المتأدبين في مجالسهم وفي بعض منتدياتهم ومحاضراتهم ولها مدلولات كثيره أغلبها ظاهر للقارئ وهي قصة متواترة في الأدب العربي. قصة علي بن الجهم مع المتوكل : ومدحه إياه بقوله انت كالكلب.

 القصة تقول : إن علي بن الجهم كان بدوياً جافياً ، فقدم على المتوكل العباسي ، فأنشده قصيدة ، منها :

أنت كالكلب في حفاظك للود وكالتيس في قِراع الخطوب
أنت كالدلو ، لا عـدمناك دلـواً مـن كبار الدلا كثير الذنـوب

فعرف المتوكل حسن مقصده وخشونة لفظه ، وأنه ما رأى سوى ما شبهه به ، لعدم المخالطة وملازمة البادية ، فأمر له بدار حسنة على شاطئ دجلة ، فيها بستان حسن ، يتخلله نسيم لطيف يغذّي الأرواح ، والجسر قريب منه ، وأمر بالغذاء اللطيف أن يتعاهد به ، فكان – أي ابن الجهم – يرى حركة الناس ولطافة الحضر ، فأقام ستة أشهر على ذلك ، والأدباء يتعاهدون مجالسته ومحاضرته.

ثم استدعاه الخليفة بعد مدة لينشده ، فحضر وأنشد :

عيون المها بين الرصافـة والجسـرجلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
أعدن لي الشوق القديـم ولـم أكـن سلوت ولكن زدت جمرا على جمـر

فقال المتوكل : لقد خشيت عليه أن يذوب رقة ولطافة.

وهذه هي القصيدة كاملة والتي تعد من عيون الأدب العربي
**************************
عُيونُ المَها بَينَ الرُصافَةِ وَالجِسرِ
جَلَبنَ الهَوى مِن حَيثُ أَدري وَلا أَدري
أَعَدنَ لِيَ الشَوقَ القَديمَ وَلَم أَكُن
سَلَوتُ وَلكِن زِدنَ جَمراً عَلى جَمرِ
سَلِمنَ وَأَسلَمنَ القُلوبَ كَأَنَّما
تُشَكُّ بِأَطرافِ المُثَقَّفَةِ السُمرِ
وَقُلنَ لَنا نَحنُ الأَهِلَّةُ إِنَّما
تُضيءُ لِمَن يَسري بِلَيلٍ وَلا تَقري
فَلا بَذلَ إِلّا ما تَزَوَّدَ ناظِرٌ
وَلا وَصلَ إِلّا بِالخَيالِ الَّذي يَسري
أحينَ أزحنَ القَلبَ عَن مُستَقَرِّهِ
وَأَلهَبنَ ما بَينَ الجَوانِحِ وَالصَدرِ
صددنَ صدودَ الشاربِ الخمر عندما
روى نفسَهُ عن شربها خيفةَ السكرِ
ألا قَبلَ أَن يَبدو المَشيبُ بَدَأنَني
بِيَأسٍ مُبينٍ أَو جَنَحنَ إِلى الغَدرِ
فَإِن حُلنَ أَو أَنكَرنَ عَهداً عَهِدنَهُ
فَغَيرُ بَديعٍ لِلغَواني وَلا نُكرِ
وَلكِنَّهُ أَودى الشَبابُ وَإِنَّما
تُصادُ المَها بَينَ الشَبيبَةِ وَالوَفرِ
كَفى بِالهَوى شُغلاً وَبِالشَيبِ زاجِراً
لَوَ اَنَّ الهَوى مِمّا يُنَهنَهُ بِالزَجرِ
أَما وَمَشيبٍ راعَهُنَّ لَرُبَّما
غَمَزنَ بَناناً بَينَ سَحرٍ إِلى نَحرِ
وَبِتنا عَلى رَغمِ الوُشاةِ كَأَنَّنا
خَليطانِ مِن ماءِ الغَمامَةِ وَالخَمرِ
خَليلَيَّ ما أَحلى الهَوى وَأَمَرَّهُ
وَأَعلَمَني بِالحُلوِ مِنهُ وَبِالمُرِّ
بِما بَينَنا مِن حُرمَةٍ هَل رَأَيتُما
أَرَقَّ مِنَ الشَكوى وَأَقسى مِنَ الهَجرِ
وَأَفضَحَ مِن عَينِ المُحِبِّ لِسِرِّهِ
وَلا سِيَّما إِن أَطلَقَت عَبرَةً تَجري
وَما أَنسَ مِ الأَشياءِ لا أَنسَ قَولَها
لِجارَتِها ما أَولَعَ الحُبَّ بِالحُرِّ
فَقالَت لَها الأُخرى فَما لِصَديقِنا
مُعَنّىً وَهَل في قَتلِهِ لَكِ مِن عُذرِ
عِديهِ لَعَلَّ الوَصلَ يُحييهِ وَاِعلَمي
بِأَنَّ أَسيرَ الحُبِّ في أَعظَمِ الأَمرِ
فَقالَت أَداري الناسَ عَنهُ وَقَلَّما
يَطيبُ الهَوى إِلّا لِمُنهَتِكِ السِترِ
وَأَيقَنَتا أَن قَد سَمِعتُ فَقالَتا
مَنِ الطارِقُ المُصغي إِلَينا وَما نَدري
فَقُلتُ فَتىً إِن شِئتُما كَتَمَ الهَوى
وَإِلّا فَخَلّاعُ الأَعنَّةِ وَالعُذرِ
عَلى أَنَّهُ يَشكو ظَلوماً وَبُخلَها
عَلَيهِ بِتَسليمِ البَشاشَةِ وَالبِشرِ
فَقالَت هُجينا قُلتُ قَد كانَ بَعضُ ما
ذَكَرتِ لَعَلَّ الشَرَّ يُدفَعُ بِالشَرِّ
فَقالَت كَأَنّي بِالقَوافي سَوائِراً
يَرِدنَ بِنا مِصراً وَيَصدُرنَ عَن مِصرِ
فَقُلتُ أَسَأتِ الظَنَّ بي لَستُ شاعِراً
وَإِن كانَ أَحياناً يَجيشُ بِهِ صَدري
صِلي وَاِسأَلي مَن شِئتِ يُخبِركِ أَنَّني
عَلى كُلِّ حالٍ نِعمَ مُستَودَعُ السِرِّ
وَما أَنا مِمَّن سارَ بِالشِعرِ ذِكرُهُ
وَلكِنَّ أَشعاري يُسَيِّرُها ذِكري
وَما الشِعرُ مِمّا أَستَظِلُّ بِظِلِّهِ
وَلا زادَني قَدراً وَلا حَطَّ مِن قَدري
وَلِلشِّعرِ أَتباعٌ كَثيرٌ وَلَم أَكُن
لَهُ تابِعاً في حالِ عُسرٍ وَلا يُسرِ
وَما كُلُّ مَن قادَ الجِيادَ يَسوسُها
وَلا كُلُّ مَن أَجرى يُقالُ لَهُ مُجري
وَلكِنَّ إِحسانَ الخَليفَةِ جَعفَرٍ
دَعاني إِلى ما قُلتُ فيهِ مِنَ الشِعرِ
فَسارَ مَسيرَ الشَمسِ في كُلِّ بَلدَةٍ
وَهَبَّ هُبوبَ الريحِ في البَرِّ وَالبَحرِ
وَلَو جَلَّ عَن شُكرِ الصَنيعَةِ مُنعِمٌ
لَجَلَّ أَميرُ المُؤمِنينَ عَنِ الشُكرِ
فَتىً تَسعَدُ الأَبصارُ في حُرِّ وَجهِهِ
كَما تَسعَدُ الأَيدي بِنائِلِهِ الغَمرِ
بِهِ سَلِمَ الإِسلامُ مِن كُلِّ مُلحِدٍ
وَحَلَّ بِأَهلِ الزَيغِ قاصِمَةُ الظَهرِ
إِمامُ هُدىً جَلّى عَنِ الدينِ بَعدَما
تَعادَت عَلى أَشياعِهِ شِيَعُ الكُفرِ
وَفَرَّقَ شَملَ المالِ جودُ يَمينِهِ
عَلى أَنَّهُ أَبقى لَهُ أَحسَنَ الذِكرِ
إِذا ما أَجالَ الرَأيَ أَدرَكَ فِكرُهُ
غَرائِبَ لَم تَخطُر بِبالٍ وَلا فِكرِ
وَلا يَجمَعُ الأَموالَ إِلّا لِبَذلِها
كَما لا يُساقُ الهَديُ إِلّا إِلى النَحرِ
وَما غايَةُ المُثني عَلَيهِ لَو أَنَّهُ
زُهَيرٌ وَأَعشى وَاِمرُؤُ القَيسِ من حُجرِ
إِذا نَحنُ شَبَّهناهُ بِالبَدرِ طالِعاً
وَبِالشَمسِ قالوا حُقَّ لِلشَمسِ وَالبَدرِ
وَمَن قالَ إِنَّ البَحرَ وَالقَطرَ أَشبَها
نَداهُ فَقَد أَثنى عَلى البَحرِ وَالقَطرِ
وَلَو قُرِنَت بِالبَحرِ سَبعَةُ أَبحُرٍ
لَما بَلَغَت جَدوى أَنامِلِهِ العَشرِ
وَإِن ذُكِرَ المَجدُ القَديمُ فَإِنَّما
يَقُصُّ عَلَينا ما تَنَزَّلَ في الزُبرِ
فإن كان أمسى جعفرٌ متوكِّلاً
على الله في سرِّ الأمورِ وفي الجهرِ
وولَّى عهودَ المسلمين ثلاثةً
يُحَيَّونَ بالتأييد والعزِّ والنصرِ
أَغَيرَ كِتابِ اللَهِ تَبغونَ شاهِداً
لَكُم يا بَني العَبّاسِ بِالمَجدِ وَالفَخرِ
كَفاكُم بِأَنَّ اللَهَ فَوَّضَ أَمرَهُ إِلَيكُم
وَأَوحى أَن أَطيعوا أولي الأَمرِ
وَلَم يَسأَلِ الناسَ النَبِيُّ مُحَمَّدٌ
سِوى وُدِّ ذي القُربى القَريبَةِ مِن أَجرِ
وَلَن يُقبَلَ الإيمانُ إِلّا بِحُبِّكُم
وَهَل يَقبَلُ اللَهُ الصَلاةَ بِلا طُهرِ
وَمَن كانَ مَجهولَ المَكانِ فَإِنَّما
مَنازِلُكُم بَينَ الحَجونِ إِلى الحِجرِ
وَما زالَ بَيتُ اللَهِ بَينَ بُيوتِكُم
تَذُبّونَ عَنهُ بِالمُهَنَّدَةِ البُترِ
أَبو نَضلَةٍ عَمرو العُلى وَهوَ هاشِمٌ
أَبوكُم وَهَل في الناسِ أَشرَفُ مِن عَمرو
وَساقي الحَجيجِ شَيبَةُ الحَمدِ بَعدَهُ
أَبو الحارِثِ المُبقي لَكُم غايَةَ الفَخرِ
سَقَيتُم وَأَسقَيتُم وَما زالَ فَضلُكُم
عَلى غَيرِكُم فَضلَ الوَفاءِ عَلى الغَدرِ
وُجوهُ بَني العَبّاسِ لِلمُلكِ زينَةٌ
كَما زينَةُ الأَفلاكِ بِالأَنجُمِ الزُهرِ
وَلا يَستَهِلُّ المُلكُ إِلّا بِأَهلِهِ
وَلا تَرجَعُ الأَيّامُ إِلّا إِلى الشَهرِ
وَما ظهر الإسلامُ إِلّا وجاركم
بني هاشمٍ بين المجرَّةِ والنسرِ
فَحَيّوا بَني العَبّاسِ مِنّي تَحِيَّةً
تَسيرُ عَلى الأَيّامِ طَيِّبَةَ النَشرِ
إِذا أُنشدَت زادت وليَّكَ غبطةً
وكانت لأهل الزيغ قاصمةَ الظهرِ

الأحد، 24 يناير 2016

دمير طاش ..... أنت كالصخر (العباسية حبيبتي2)





دمير طاش  .........  أنت كالصخر.


هكذا قال السلطان الأشرف قايتباي للعابد لما خرج فى ليلة عاصفة بردها قارص فلم يجده فى حراسته بل وجده يتعبد فى الخلاء بعيدا عن أعين الناس فتعجب من امره وقوة تحمله وقال له بالفارسية :دميرطاش،ومعناها "انت كالصخر او الحديد فى تحملك " فأصبحت منذ ذلك الوقت لقبا له ثم حرفت فأصبحت تنطق دمرداش . 

والعابد هو الشيخ الصالح الزاهد صاحب الكرامات والأحوال العارف بالله ابوعبدالله محمد شمس الدين المعروف بالمحمدى والملقب بالدمرداش .ولد شيخنا بمدينة تبريز بأيران سنة 857هـ /1453م وكان لأعتناقه المذهب السنى وتصوفه أثر كبير فى عدم وصوله الى الوظائف الهامة فقد كانت الدولة الأيرانية شيعية المذهب ولا تعتمد الا فى من كان على مذهبها مما أدى الى رحيل ابى عبدالله محمد شمس الدين الى مصر فى عهد السلطان الأشرف قايتباى والتحق بخدمته .

ذكر ابن اياس فى بدائع الزهور فى وقائع الدهور فى حوادث عام 886هـ (وفيه سقطت صاعقة عظيمة على المسجد النبوى الشريف بالمدينة المنورة فاحترق المسجد بأكمله ولم يسلم من ذلك سوى القبة الشريفة فلما سمع السلطان قايتباى بذلك بكى وبكى من كان حوله وشرع فى تجديد المسجد الشريف وأرسل جماعة من البنائين والنجارين والمرخمين ) وكان على رأس هذه الجماعة اباعبدالله محمد شمس الدين لما يعرفه عنه من حبه الشديد للمصطفى صلى الله عليه وسلم ،ولما عاد الشيخ بعد اتمام عمارته للحرم النبوى الشريف اطلق عليه الناس لقب المحمدى. 

وكان مسجد الدمرداش هدية السلطان للعابد الورع.


مسجد الدمرداش
مسجد الدمرداش

وقد خلف الشيخ الدمرداش فى مشيخة الطريقة الدمرداشية عدد من الخلفاء حتى انتهت الى الشيخ عبدالرحيم مصطفى صالح المعروف بالدمرداش باشا –والد السيدة قوت القلوب –ودامت مشيخته للطريقة اربعا وخمسين سنة وتوفى رحمه الله عام 1348هـ/1929م ودفن فى قبر اعده لنفسه فى مستشفاه الذى انشأه والمعروف بمستشفى الدمرداش واباحه مجانا لمن يطلب الشفاء .وقد انجب ابنته السيدة قوت القلوب الأديبة الشهيرة وهى واحدة من الكاتبات المصريات اللاتى ابدعن ادبهن باللغة الفرنسية وتوفيت رحمها الله عام 1968م فى ايطاليا.

وخلف مستشفى الدمرداش كانت توجد منطقة عشوائية كبيرة تسمى "عرب المحمدي" وكان لي صديق يؤكد لي أن عرب المحمدي هم في الأصل عبيد الدمرداش باشا. وقد أزيلت هذه المنطقة العشوائية بأكملها وأقيم مكانها حديقة كبيرة بها مكتبة عامة تسمى "حديقة الوايلي".

ومما سبق يتضح لماذا كانت هذه البداية التاريخية المشوقة التي بدأت بها الجزء الثاني من هذه المقالات الخاصة بالعباسية. الدمرداش هي الكلمة مدخل هذا المقال. 

والدمرداش مستشفى ومسجد ومدرسة. وقد ذكرنا ما يتعلق بالمسجد والمستشفى في بعض الإيجاز وقد نعود إليهما مرة أخرى إذا لزم الأمر. 

أما مدرسة الدمرداش فهي البداية لإتصالي بالعالم الخارجي وأقصد هنا بالخارجي أي خارج نطاق المنزل والعائلة. تقع المدرسة في شارع رمسيس أمام الكنيسة القبطية مباشرة. مدخلها من شارع صغير قصير جداً يبدأ من شارع رمسيس وآخره مغلق بإحدى الفلل الخاصة.

ألحقني أبي بمدرسة "طلمبات زغلول" الإبتدائية في مدينة رشيد والتي كان عمي "محمد أبو شوشه" ناظراً لها ذلك لأن سني لم يكن وقتها يسمح لي بالقبول في مدارس العاصمة. أرسل عمي محمد لي في القاهرة الكتب الدراسية الخاصة بالصف الأول الإبتدائي. ثم بدأ أبي في إجراءات نقلي من رشيد إلى القاهرة بإثبات محل سكننا في العباسية بالقاهرة. وتم النقل إلى مدرسة "الدمرداش الإبتدائيه النموذجية" كما كانت تسمى رسمياً على أن ألتحق بها بفصول الفترة المسائية. ثم انتقلت إلى الفترة الصباحية بعد السنة الأولى.

وممن أذكرهم جيداً من العاملين في المدرسة "داده فاطمه" والتي كانت دائما تحيط رأسها بغطاء أبيض واسع ينسدل حتى كتفيها ولا زلت أذكرها وهي في وقت "الفسحة" تعطي كل منا وجبته المدرسية والتي تتمثل في الفطير والجبن الشيدر الأحمر. 

كما أذكر "عم حمام" ببشرته السمراء ووجهه الطويل وحبه العميق لنا والذي كان يضحكنا كثيراً وهو يطاردنا في "حوش" المدرسة وقت الإنصراف ممسكاً بعصا طؤيلة جداً ومتظاهراً بالقسوة علينا.

وكنا أحيانا كثيرة ننجح في الإفلات منه والإختباء في مكان ما في المدرسة حتى يعتقد أن كل التلاميذ قد غادروا فيغلق أبواب المدرسة بالسلاسل الحديدية وينصرف مطمئاً. ثم نخرج نحن من مخبئنا ونبدأ باللعب مستمتعين بحوش المدرسة الخالي تماما إلا منا نحن. وعندما يجئ الوقت لننصرف إلى بيوتنا لا نجد حيلة للخروج من المدرسة إلا تسلق السور من الجهة الخلفية والقفز في "بلكونة" صديقنا "أمير" الذي كان منزله ملاصق تماماً للمدرسة ثم من شقته إلى الشارع.

أذكر أيضا أبله نبيله مدرسة التربية الفنية والتي مازلت أذكر قسمات وجهها الجميل والتي أدين لها بحبي للفن والتذوق الفني والنول الذي علمتني كيفية عمله.

أما الأستاذ محمود أستاذ التربية الرياضية فكان الفتى الأول للمدرسة كلها برشاقته الرياضية وخفة حركته وقد كان أيضا قائدا لأول فريق كشافه التحقت به في حياتي.

وإذا ذكرنا الأستاذ محمود فلابد أن نذكر أبله"ورده" معلمة الموسيقى الشابة الجميلة والتي جاءتنا بعد مدام إيفون. وقد احبها الأستاذ محمود منذ يوم دخولها المدرسة وكان لايستطيع مقاومة أن يكون بجوارها كلما سمح له الوقت بذلك.

وكذلك أذكر أبله "عائشة" الناظره والأبله الحكيمه ومدرس التربية الزراعية وأستاذ شفيق معلم اللغة العربية ونظارته السميكه.

ولا يمكن أن أنسى أبداً أبله "وجيده" مدرسة الحساب. وهي من أكثر من ذكرت في حياتي بعد ذلك لأنها علمتنا من أصول الحساب ما استفدت منه حتى وأنا أدرس الرياضيات البحته المعقدة علي يد دكتور من كلية العلوم كان يدرس لنا ونحن في السنة الثالثة في كلية الهندسة قسم الهندسة الكهربائية. وكنت أيضاً أذكرها وأنا أعلم إبني وإبنتي الذين التحقا بكليات الهندسة لاحقاً أصول الرياضيات وأذكر لهما أن هذا مما علمتني إياه أبله وجيده. ومما أذكره لها أنها في إحدى السنوات لم تكن راضية عن مستوانا العلمي فقررت أن تدرسنا حصصاً إضافية قبل ميعاد طابور الصباح حتى نكون عند المستوى اللائق في مادة الحساب وذلك بدون أي مقابل مادي. رحم الله أبله وجيده رحمة واسعة.

خارج المدرسة من ناحية شارع رمسيس كنت كثيراً ما أشاهد هذه العربة التي تبدو وكأنها تأتي من عالم آخر خفي عالم ملئ بالغموض والحيرة والخوف والأسئلة الحائرة عالم تسكنه كائنات أخرى لا نعرفها وهذا العالم هو نفسه جزء من عوالم علوية أخرى أشد غموضاً وتعقيداً ورهبة.

هذه هي عربة نقل الموتى التابعة للكنيسة الماثلة في الجانب الآخر من الطريق أمام المدرسة. كانت العربة كلها من الزجاج الشفاف الذي يسمح برؤية كل ما بداخلها. أركانها الأربعة من الخشب المذهب المنقوش والمنحوت بطريقة غير عادية. يعتلي جوانب العربة من كل زواياها أربعة تماثيل مذهبة كبيرة لملائكة مجنحة ذات وجه طفولي غامض أعينها مفتوحة تنظر إليك مهما حاولت الإختباء منها.

ويتقدم العربة عدد من الخيول لجرها وهي مغطاة تماما حتى رأسها الذي لا يظهر منه إلا عيناها وأذناها بلباس من القماش الأبيض الناصع المتدلي من جوانبها والمنقوش برسومات جلها الصليب المسيحي.

كنت أرقب هذه العربة بخوف وحذر شديدين فهي على علاقة مباشرة بالمجهول الغيبي الغامض. على علاقة مباشرة ومتصلة يومياً بالموت والموتى وعلى علاقة خفية بالعالم العلوي السري بملائكته الغريبة الموجودة بيننا والتي ترانا وتراقبنا وتطل علينا من فوق هذه العربة.

وأذكر أنه كان لنا صديق أسمه "عادل" كان يسكن في الناحية خلف الكنيسة فإذا أردنا زيارته كنا نسير بعد أن نتجاوز الكنيسة بحذاء أراضي زراعية ممتدة لمساحة كبيرة يمكن رؤية نهايتها وكنا ونحن نعبر هذه الأرض نشاهد الفلاحين وهم يعملون فيها بزراعة الخضروات. وكان صديقنا يسكن في الدور الأرضي فلم نكن نعرف طريقاً للدخول إلى شقته إلا القفز من سور الشرفة المطلة على الشارع.

وقد رأيت البنائين من شباك حجرة الدراسة في الدور الأول في مدرسة الدمرداش وهم يبنون في هذه الأرض الزراعية هذا المبنى الضخم المهيب ذو القبة الضخمة والتي كنت أظنها قبة مسجد حتى عرفت أنهم يشيدون كنيسة كبيرة أسمها كاتدرائية.

وأذكر يوم افتتاحها إذا امتلأ الشارع تحت بيتنا بسيارات كثيرة تخص المدعوين لحفل الإفتتاح الذي حضره الرئيس عبد الناصر ودعا إليه الإمبراطور "هيلاسلاسي" إمبراطور إثيوبيا والذي كانت ملابسه تشبه ملابس القساوسة. وقد أهدى الرئيس عبد الناصر الأرض الزراعية للكنيسة لتقيم عليها الكاتدرائية. 

وكنا ونحن اطفالاً نغافل حارس باب الكاتدرائية وننسل إلى داخل أروقتها الطويلة المظلمة والمحفوفة بتماثيل لأناس لانعرف من هم ولكن يخيفنا ظل تماثيلهم في الظلام.
















الكاتدرائية المرقسية

السبت، 23 يناير 2016

مش مهم أبداً



مش مهم أبـداً إنت راكب إيه               تاكسي توك توك ولا كابورليه
المهم إنـك تقدر دايماً  تبتسـم               والضحكه جـوه قـلبك تترسـم
تفرح بيها كل من يوم  شافك              وتسعـد بيها كـل من يوم جالك
وتلعب ويا أصحاب  الطفوله              تجـري تسـتخبى تلعب الأولـه
حافي وهدومي باينـه  مرقعه              وإيه يعـني الفـقر مـش مـذللـه
الفقر مش معناه هم  ومسكنـه              مش حتكسف ولا أبـطل قهقـه
إيه يكسفني الفقر مش محزنه             في ناس كتـيرنـفـوسها مرقعـه
الضحكه  أبداً مادخلتلهم  بيت             والفرحه عنـدهـم كلمة ياريـت












الجمعة، 22 يناير 2016

العباسية ... حبيبتي

ضريح أحمد ماهر

رحم الله أبي.


كان أبي في طريقه إلى منطقة حدائق القبة ليستأجر شقة فيها لغرض الزواج هكذا تحكي لنا  أمي أطال الله في عمرها. ولكنه ركب الترام الخطأ الذي أوصله إلى حي العباسية بدلاً من حدائق القبة.





وانبهر أبي وهو إبن القرية وخريج كلية الزراعة بلقب مهندس زراعي بالعباسية أيما إنبهار. والسبب في ذلك هو الحدائق الفسيحة والخضرة الممتدة على مرمى البصر. وكان قراره سريعاً وحاسماً "سوف تكون العباسية هي الحي الذي أسكن فيه" هكذا أتخيل أنه اتخذ قراره التاريخي.

وجال أبي النظر حوله يختار من البنايات الحديثة البناء  ما يصلح للسكن الزوجي ويحقق في نفس الوقت متعة مشاهدة هذه المساحات الخضراء. واختار البيت وصعد معه الحارس النوبي "عم أحمد" وهكذا كنا نناديه لاحقاً صعد معه ليريه الشقق الخالية ليختار منها ما يشاء واختار أبي أعلى شقة في الدور الخامس حتى لا يكون بينه وبين منظر الحدائق الممتدة أي عائق يذكر. وقد كان واستأجر أبي الشقة التي ولدت أنا فيها دوناً عن أخواني الثلاثة الذين يكبرونني سناً.

هذا ملخص سريع عن سبب وجود عائلتنا في العباسية ولا أشك أن والدتي والتي مازالت تسكن هذه الشقة لا يزال لديها الكثير من التفاصيل المتعلقة بهذا الموضوع.





قصر الزعفران


كان مما رآه أبي حدائق الزعفران وهكذا كان يسميها لي والتي تمتد من بعد مستشفى الدمرداش وحتى تصل إلى ميدان العباسية الذي كان كله مساحات خضراء ماعدا شارع رمسيس الذي يمر به في كلا الإتجاهين وتتخطاه الحدائق حتى تصل إلى قصر الزعفران الذي هو سبب تسميتها  والذي هو قائم حتى الآن وتشغله إدارة جامعة عين شمس.

كانت الحدائق أكثر ما تكون إتساعاً عند ميدان العباسيه. من شارع رمسيس في الميدان كنا ندخل الحديقة ونسير مسافة طويلة في الممر الرملي الأصفر حتى نصل إلى مكتب التليغراف وخلف المكتب كنا نسير مسافة مماثلة حتى نصل إلى حائط عالٍ جداً ومائل لدرجة لا تسمح بارتقائه حيث يوجد في أعلاه قضبان قطار لا نعلم من أين يجيء وإلى أين يدهب. في هذا الجزء من الحديقة كان يوجد الكثير من أشجار التين البنغالي الضخمة المعمرة والتي سماها لي أبي والتي تتميز بلحاءها المتدلي من فروعها حتى يصل إلى الأرض فيلتحم بها وتكون له جذور فيها.

وفي جزء الحدائق المقابل لمستشفى "دار الشفاء" كان بالحديقة كشك خشبي جميل يمثل مقر المهندس الزراعي المشرف على منطقة الحدائق الشاسعة بأشجارها وأحواض زهورها وممراتها الرملية هكذا قال لي أبي بافتخار شديد.     و قريباً من هذا الكشك ولكن إلى الداخل كان يوجد "كازينو مصر والسودان" المختفي تقريباً بين الأشجار والذي كان ملاذاً آمناً للمحبين والعاشقين بأنواره الخافتة وهدوئه الدائم في قلب الحديقة. 










وهناك حديقة أخرى تقع أمام مستشفى دار الشفاء مباشرة وهي حديقة جميلة وصغيرة نسبياً وبها يقع ضريح أحمد ماهر باشا ويفصل بينها وبين حدائق الزعفران شارع رمسيس.









ضريح أحمد ماهر باشا


العباسية كانت حينئذٍ من أجمل أحياء القاهرة ومسكن للأغنياء والمشاهير وخاصة العباسية الشرقية وهي التي تقع على الجانب الآخر من شارع العباسية ناحية شارع السرايات حيث تقع كلية الهندسة التي تخرجت منها لاحقاً أنا وأخي الأكبر وأختي التي تكبرني مباشرة وكذلك المستشفيات اليوناني والإيطالي والخاصة بالرعايا اليونانيين والإيطاليين. 

العباسية الشرقية كانت تتميز بأن كل مساكنها من الفلل الخاصة التي يحيط بها الحدائق الغنية برائحة الورد والفل والياسمين. وكنا ونحن صغاراً إذا وصلنا إلى هناك نستمتع كل الإستمتاع بالهدوء حيث سكان الفلل قليلون وكذلك نستمتع بنسمات الصيف الباردة  والمحملة بالروائح الجميلة التى تغلفها رائحة الخضرة الرطبة المروية عند الغروب. 


لذلك كانت العباسية الشرقية مقصداً طبيعياً للعشاق المراهقين الرومانسيين يمشون في شوارعها الجميلة الهادئة الحالمة بأنوارها الخافتة و يجلسون عند أسوار الفلل تحت الأشجار الممتدة خارجها ويتهامسون بأحاديث الرومانسية والحب العذري. وكانت آذاننا ونحن نمر بمثل هذه المشاهد الرائعة تلتقط بعض عبارات الغزل الرقيقة وتلحظ أعيننا إشتباك الإيدي والخجل البادي في العيون العاشقة لحظة إلتقائها.

هذه هي العباسية الجميلة التي وعيتها في طفولتي المبكرة وسوف أحدثكم لاحقاً عن حياة العباسية اليومية التي عشتها بكل تفاصيلها فللحديث بقية.




كتب المقال وحرره: عاطف أبو شوشه



بعض الروابط التي تتحدث عن العباسية

http://lite.almasryalyoum.com/extra/79608


https://arz.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D9%87_(%D8%AD%D9%89)



https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9_(%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9)




القراءة مدرسة لا يتخرج منها الإنسان مادام حياً






تفاجأت المذيعة الشهيره "رولا خرسا" والتي كنت أظنها غير مسلمة بسبب إسمها وأتعجب من إقدامها على محاورة كاتب ومفكر إسلامي مثل الأستاذ "جمال البنا". أقول تفاجأت هي وتفجأت أنا معها من تقرير الأستاذ جمال بأن كل الأحاديث النبوية التي تتحدث عن فضائل سور القرآن من أن بعضها يمنع الفقر وبعضها يشفع لقارئه وبعضها يفعل كذا وكذا أن كل هذه الأحاديث موضوعة بما فيها حديث فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعه.




وقد وضع هذه الأحاديث من شُهد لهم بالتقوى في زمانهم لما رأى هولاء إنصراف الناس عن القرآن إلى فقه ابن حنبل. وكانوا يقولون نحن نضع الأحاديث لرسول الله وليس افتراءاً عليه.
 فسألته المذيعة كيف توصل إلى هذه الحقيقة فأشار خلفه وانفتح كادر كاميرا البرنامج على أكوام من الكتب يضيق بها المكان على اتساعه.

وأحسست بالضياع من أنني على الرغم من كل ما قرأته في حياتي الطويلة والتي بدأت فيها القراءة مبكراً جداً لم أتوصل إلى ما وصل إليه الأستاذ. بل وأحسست بالتقصير الشديد في القراءة والإطلاع واقتناء الكتب.

وبعد أن فكرت قليلاً قررت أن أُحصل كل ما قرأه الأستاذ وقضى عمره باحثاً فيه بأسرع مما كنت أتصور. قررت أقتناء كتبه هو التي كتبها استناداً على كل ما قرأه وبحث فيه وبذل فيه جل حياته كاتباً ومحاوراً ومدافعاً. 


وانفتح أمامي باب جديد للقراءة وأصبحت أقتني كتبه واحداً تلو الآخر.










كتب المقال وحرره: عاطف أبو شوشه

الخميس، 21 يناير 2016

من يدلف من شق الباب







من يدلف من شق الباب 
 فـلـيـتـل تسابيح الـمنان
مـن يعـبرفـوق  العتبات 
فليسـجـد شـكراً للرحمن
فأنا قـد أحـرقـت بخوراً 
عـربياً في كل الأركـان
وأضأت  قناديلاً شرقية 
عـرت   كـل الـجـدران
وجلست في صحن  الدار 
وحيداً أتلو آيات الفرقـان





والباب حطام بلا مزلاج 
ينتابه إذ تشرق ملكان
إن أضحت رفع الأول
أو أن تغرب رفع الثان
والسورالواطئ  يقفزه 
كـــلٌ  مـــن   كـــان
السور الواطئ  يقفزه 
حـــتـى الــعـمـيـان




فلـيـدخل أيـاً مـن كان 
فـليـدخل مـن خبأ في
القلب أفانين الشيطان
أومـن يحـمل أسـفاراً 
مـن  كـفـرٍ  يـخـفـيـها 
تحت مسوح الرهبان
أو مـن يـهـدي فاكهة 
أو آنـيـة  مـن  خـمـر
مـزجـت سم الثـعبان 
وأنا في محراب الدار 
أصلي أتلوآيات القرآن





"والـلـيـل إذا يـغـشـى" 
قـضـي الأمـر ولـن 
نعرف أبداً من كان
"والـنـهـار إذا تـجـلى"  
كـلٌ  قـفـز الـسـور  
كـلُ دخـل الـبـاب 
وكـلُ  قــد  خـان 





والآن ....
من يدلف من شق الباب
مـن يـعـبر فـوق العتبات
 فـعـلـيـه
أدبـاً أو خـجـلاً 
مـن ذكرالـديان  
فـعـلـيـه
في رحم الأرض 
مـواراة الجـثمان






شعر: عاطف أبو شوشه