الأربعاء، 2 مارس 2016

تنظيم ثورة مصر - رفض التطبيع







من لايعرف يحيا مرتاح البال
ولأني يا زهرة صبار الأيام المالحة الأشواق عرفت
عانقت التجوال
وشربت مرارة أيامي
وتمنيت الموت

"الحب والمدينة - محمد مهران السيد"




ولدت "منظمة ثورة مصر" في 1984، ودشنت وجودها بعملية الهجوم على "زيفي كيدار" أحد أعضاء الموساد عند خروجه من بيته في المعادي (يونيو 1984). وقد أصيب كيدار بجرح في يده نتيجة لطلق ناري ونقل إلى مستشفى السلام بالمعادي. وأعقب ذلك ثلاثة عمليات بواقع عملية كل عام حتى تاريخ القبض علي المنظمة في سبتمبر 1987، ليكون كل عمرها أربعة أعوام.




محمود نور الدين

أسس المنظمة "محمود نور الدين"، ضابط مخابرات مصري كان يعمل بالسفارة المصرية بلندن وله علاقات متعددة ومتشابكة مع بعض رجال الحكومة إضافة إلى علاقاته مع رجال الفترة الناصرية التى انتمى إليها بأفكاره مع أخوه أحمد عصام وخالد جمال عبد الناصر وثلاثة أعضاء آخرين من القوات المسلحة ونظمي شاهين الذى كان صديقا لأحمد عصام وعمل بعد انضمامه للتنظيم كسائق لمحمود نور الدين، وقام نظمي بتجنيد كلا من حمادة شرف (طالب) وسامى فيشة (كهربائي).
نظمى شاهين كان العامل الحركى فى التنظيم، فهو ابن البلد بخلاف محمود نورالدين، ضابط المخابرات السابق والعقل المدبر للتنظيم، وخالد عبدالناصر، الاسم الجاذب لتمويل العمليات عربيا.

وكما قال نورالدين في تحقيقات النيابة: "اختمرت في ذهني فكرة مقاومة الضغوط الصهيونية التى شعرت أنها واقعة على القيادة السياسية في مصر وتمارسها أمريكا وإسرائيل خاصة في مجال التطبيع، فأسست منظمة ثورة مصر من بعض ضباط القوات المسلحة المصرية وبعض المدنيين".


أخذت المنظمة، التى رفضت "كامب ديفيد"، على عاتقها مكافحة الوجود الصهيوني على أرض مصر بالسلاح مع إصدار بيانات لإعلان مسؤليتها عن كل عملية قامت بها، مع الأخذ في الاعتبار وجود جزء من مصر كان لا زال واقعا تحت الاحتلال أثناء قيام المنظمة بعملياتها، وهو طابا.




العملية الثانية التى قام بها التنظيم كانت ضد مسؤول الأمن بالسفارة الإسرائيلية، وتمت بعد مراقبة أماكن تواجد البعثة الإسرائيلية بالمعادى، وعلى أثر المراقبة تحدد الهدف، وفى 20 أغسطس 1985 قام أربعة من التنظيم، هم محمود نورالدين ونظمى شاهين وحمادة شرف وسامى عبدالفتاح بإطلاق النارعلىضابط الموساد "ألبرت أتراكشى" «37 سنة» وزوجته وسكرتيرته الشخصية، والحادث كان بالقرب من بيت السفير الإسرائيلى، وصدر بيان المنظمة ليعلن عن اغتيال أتراكشى وإرساله إلى الجحيم.




العملية الثالثة كانت فى مارس 1986 وعرفت بـاسم «عملية معرض القاهرة الدولى»، وجاءت على خلفية مشاركة إسرائيل فى سوق القاهرة الدولى بأرض المعارض بمدينة نصر. 

يتحدث نظمى شاهين عن هذه العملية قائلاً: "بعد كده جهزنا لعملية معرض القاهرة للكتاب. الطلبة لما عرفوا بمشاركة إسرائيل عملوا مظاهرات وحرقوا العلم الإسرائيي والأمريكي وهتفوا" ثورة مصر طريق النصر" وذلك بعد أن حفرت المنظمة لنفسها مكانا فى قلوب المصريين. واتقبض على ناس كتير منهم، والحكومة بقت في حرج، فقررنا نختار هدف وكانت ضابطة الموساد "إيلي تايلور"، ودي كانت مديرة الجناح الإسرائيلي. وشاركت في العملية دي مع محمود وأحمد عصام وجمال عبد الحفيظ ومحيي عدلي، ودي كانت عملية صعبة لأننا كنا خايفين نصيب أي مصري، عشان كدة سمينا العملية دي بالمغامرة المحسوبة. وكان رد الفعل على العملية إن فيه ناس زغردت وهي خارجة من المعرض بعد ما شافونا بنهاجم الصهاينة. التغطية الإعلامية بعد العملية دى كانت قوية وقالوا إن التنظيم ده قوي ودقيق ومصري وعامل حساباته كويس."





أما العملية الرابعة والأخيرة، فقد وجهت إلى الوجود الأمريكى وارتبطت بعدد من الأحداث، منها ما قاله نور الدين: "إلغاء ريجان زيارة مبارك للولايات المتحدة الأمريكية، ورفض الحكومة الأمريكية زيادة المساعدات أو جدولة الديون أو تخفيض الفوائد، علاوة على الضغوط الأمريكية المستمرة للخضوع للمطالب الإسرائيلية المجحفة. أما أقوى دافع لنا للقيام بهذه العملية ضد رجال ريجان في مصر وأعضاء المخابرات المركزية الأمريكية هو ما شعر به كل المصريين، وباعتراف الرئيس مبارك شخصيا، من ذل ومهانة وإذلال لكرامتنا وكرامة المصريين حين صعدت الطائرات الأمريكية الحربية واختطفت الطائرة المصرية المدنية وأجبرتها على الهبوط وقامت بتفتيش جميع ركابها ولم يحرك أحد ساكنا على المستوى الرسمى في القيادة السياسية، ولذلك قررنا في ثورة مصر أن نقوم بعمل عسكري ضد الأمريكيين لمحو العار الذي لطخونا به.

أما السبب الرئيسى لخطف الطيارة المصرية، فقد كان هو القبض على أبو العباس الفلسطيني ومعه أربعة من المتهمين بخطف السفينة أكيلي لاورو الإيطالية الذين قاموا بخطف السفينة من أجل المساومة على الإفراج عن 50 فلسطينيا بالسجون الإسرائيلية. حيث وصلت السفينة إلى بورسعيد، وهناك سلم المختطفون أنفسهم وطلبوا نقلهم إلى تونس، فتم نقلهم في طائرة ركاب مصرية تابعة لمصر للطيران، وأثناء توجهها إلى أثينا بعد أن رفضت تونس استقبالها بناءً على محادثة تليفونية من ريجان إلى الرئيس التونسي وقتئذ بورقيبة، أجبرتها الطائرات الحربية الأمريكية على الهبوط في إحدى قواعد حلف الاطلنطي، لكن وصول قوات إيطالية منع القوات الخاصة الأمريكية من القبض على أبو العباس والمختطفين الأربعة. حيث قامت بتهريب أبوالعباس، بينما مثل المختطفون الأربعة أمام المحكمة الإيطالية .



وكما هو الحال مع أغلب التنظيمات الثورية لم يتم اختراق "ثورة مصر" من خارجه بل من داخله، وجاءت الخيانة من أقرب الناس لنور الدين وهو شقيقه "أحمد عصام" الذي لجأ إلى السفارة الأمريكية في القاهرة عارضا عليها كافة معلوماته عن التنظيم وأعضاؤه مقابل حصوله على الجنسية الأمريكية ومبلغ نصف مليون دولار ورغم ذلك فلم يحصل "أحمد عصام " على ثمن خيانته المرجو بل قامت السفارة بتسليمه إلى الأمن المصري مع بقية أعضاء التنظيم الذين تم إلقاء القبض عليهم في أواخر عام 1987.

وقبل الكشف عن القضية خرج خالد إلى يوغسلافيا التى كانت قائمة وقتئذ، وعاش فيها ثلاث سنوات، تحت رعاية القيادة اليوغسلافية، وهى القيادة التى رافقت الزعيم اليوغسلافى تيتو، الذى ارتبط بعلاقة وطيدة مع جمال عبدالناصر، وتواصلت هذه العلاقة بين أسرتى الزعيمين بعد وفاتهما. 


وفى يوغسلافيا ظل خالد يزود نفسه بالمعرفة، حيث كانت القراءة هى همه الأول، وتلقى هناك طرودًا للكتب فى السياسة والشعر والأدب والتاريخ، أرسلها إليه الكاتب الكبير "محمد حسنين هيكل"، وهناك افتتن بشعر أمل دنقل، وخاصة قصيدة «لا تصالح» وقصيدة «زرقاء اليمامة»، وكان يرددهما كثيرًا لزائريه، كما كان يعشق أدب نجيب محفوظ وجمال الغيطانى خاصة رائعته «التجليات».



يقول نظمى شاهين: "معظم المحامين في هذه القضية كان دفاعهم كله عن خالد عبد الناصر. وطبعا خالد أخد براءة على الرغم إنه كان معانا في التنظيم. هو في الأول هرب برة مصر إلى لندن ثم يوغوسلافيا، وقام أحمد الخواجة نقيب المحامين الأسبق بالسفر إليه لهندسة العلاقة بينه وبين الحكومة، وضمن له حكم البراءة، وبناءً عليه حضر إلى القاهرة وبقي يقف معانا في القفص، ووجهت له تهم تمويل التنظيم وإمداده بالأسلحة وأنكر هو من ناحيته كل صلته بالتنظيم، والوحيد اللي مارضيش يعترف عليه هو محمود، لأنه افتكر إن وجود خالد خارج السجن هايخليه يبذل محاولات للإفراج أو لتخفيف الحكم عننا، بالإضافة إن محمود كان فاكره هاياخد باله من بناته. لكن طبعا مافيش أي حاجة من دي حصلت، وكل الكتب اللي طلعت عن تنظيم ثورة مصر كان همها الأول والأخير تبرئة ابن الزعيم مع إسباغ الوطنية عليه لعلاقته بالتنظيم".



تم تبرئة خالد نجل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مع أربعة متهمين آخرين، في حين حكم على نور الدين بالسجن 25 عاما ولم يغب عن المحاكمة –بالطبع- دور الصحافة الرسمية المصرية التي سعت إلى تصوير أعضاء التنظيم ك"إرهابيين" ومدمني مخدرات ولكن ذلك لم يؤثر على حجم التعاطف الشعبي الهائل الذي بدا واضحا خلال المحاكمة.




























ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق