الأحد، 5 أبريل 2020

الإبتلاء . . . غضب الله





الـدنـيـا دار عـمـل

البرزخ دار سكون

الآخرة دار جـزاء


وقد إقتضت حكمة الله جل وعلا أن يكون لكل دار منهم قَدَرُها الذي قدره الله لها والذي لا يتبدل ولا يتقاطع مع الحكمة التي أوجد الله من أجلها الدار الأخرى.

الدنيا دار عمل فقط لأن الإنسان إذا مات إنقطع عمله. فلا عمل للإنسان خيراً كان أو شراً في البرزخ أو في الآخرة

الآخرة دار جزاء فقط فلا جزاء في الدنيا أو في البرزخ حيث أنه لا جزاء بدون حساب والحساب يكون في الآخرة فقط

البرزخ دار سكون فقط فلا يكون فيه عمل لأن الإنسان فيه يكون قد مات وانقطع عمله وليس فيه جزاء لأنه ليس فيه حساب

والعمل مقصود به عمل خير يؤجر عليه حسنة أو عمل شر يؤجر عليه سيئة.

والبرزخ هي الدار التي يُمْكَثُ فيها بعد الموت في انتظار الحساب يوم تقوم الساعة.

وعلم الدار الآخرة والبرزخ من علوم الغيبيات التي اختص بها الله تعالى نفسه. ولم يكن رسولنا الكريم ممن منَّ الله عليهم بعلم الغيب فلم يخبرنا إلا بما أخبره الله به في القرآن ولا يصح عنه غير ذلك: 

"قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" الأعراف (188).

"قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ" الأحقاف (9).

فكل من يتحدث عن أن بلاء الوباء هو غضب من الله عز وجل على البشر بسبب معصيتهم فقد جانبه الصواب لعدة أسباب:

السبب الأول: هو أن هذا أمر غيبي ولا يعلم الغيب إلا الله. ويستوي في ذلك أيضاً من ينفي غضب الله عز وجل.

السبب الثاني: هو أنه بقوله هذا قد إفتأت على الله بقوله ما لم يصدر أو يثبت عنه سبحانه و تعالى.

السبب الثالث: على الرغم من أن مذهب السلف وسائر الأئمة إثبات صفة الغضب على الله، وكذلك الرضا والعداوة والولاية والحب والبغض، ونحو ذلك من الصفات مع منع التأويل الذي يصرفها عن حقائقها اللائقة بالله تعالى. ولكن إذا غضب الله على الناس أفناهم أجمعين. أليس هو القائل : "وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ" (61) "سورة النحل". وهذا ما لم يحدث حتى الآن.

السبب الرابع: أن هناك مبدءاً يجب علينا أن نفهمه حق فهمه وهو أن الله لا يترصد لعباده. أي أن الله لا يتربص بنا فيتركنا حتى نخطئ ثم يبادر ويسارع إلى عقابنا. "ما يفعل الله بعذابكم . . ." النساء (147) . بل الله وملائكته يدعون لنا بالهداية ويستغفرون لنا.

"هو الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا" [الأحزاب: 43].

"الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " [غافر 7 – 9]

وفي نفس المعنى يقول إخواننا المسيحيون:

"كبار القديسون يدركون كلام يسوع... "إذا كنتَ يا رب لأثامي راصداً، من يثبت؟ ولكن من عندك الخلاص".
من عندك الرحمة، من عندك المحبة. أنت تستخدم كل شيء حتى تعيدنا إليك، تستخدم حتى الأمور الطبيعية مثل فيروس كورونا اليوم، لتذكّرنا أنّ حياتنا لا تُبنى إلا على صخرة يسوع المسيح."

ويقولون أيضاً:

إلهنا ليس إله دينونة، إلهنا ليس إله ضربات.
إلهنا إله خلاص! إلهنا إله رجاء! إلهنا إله محبة، ورحمة.
يقول لنا: "أدّبتك قليلًا لتعي خطاياك وشرّك ولكنّي غمرتك برحمتي لتولد من جديد".

وما نحن فيه من ابتلاء بالوباء ماهو إلا نوع من عذاب الله كالعذاب الذي وقع على القرون الأولى التي انحرفت عن الطريق القويم الذي أراد الله لعباده أن يسيروا فيه. والكوارث الطبيعية والأوبئة والأمراض تصنف على أنها من آيات الله عز وجل في الكون.

". . . . وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا" الإسراء (59)

ويؤكد إخواننا المسيحيون هذا المعنى أيضاً قائلين:

 "أنَّ هذا الكلام لا يمتّ بصلة لإيماننا المسيحي. لَو كان الله يريد إرسال أمراض وأوبئة بسبب الخطيئة، كان يجب أن يرسل أقوى مرض وأقوى وباء عندما صلبوا ابنه يسوع المسيح". ونحن نستشهد بعباراتهم على الرغم من اختلافنا التام معهم في عقيدة "الصلب والفداء".

وكل الآيات التي تتحدث عن الحساب أو الجزاء تبين لنا أن له توقيتاً واحداً فقط لا يصح لأحد أن يشير إلى أي توقيت آخرغيره. هذا التوقيت لا يجئ إلا بعد فناء الحياة الدنيا وبعد أن يوفى كل الخلق أرزاقهم وبعد أن تختتم أعمالهم وهذا التوقيت الوحيد للحساب هو في الآخرة. 

لما أغرق الله فرعون قال: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل، فأخذ جبريل يدس في فم فرعون الطين بجناحه من البحر مخافة أن يقول: لا إله إلا الله فتدركه رحمة الله ويتوب عليه. 

فالله هو الرحمن الرحيم ورحمته قد سبقت غضبه.



عاطف شوشه

مصادر:
جريدة اليوم السابع: بين خرافات السلفيين وأصحاب نظرية المؤامرة.. هل الأوبئة عقاب من الله؟
الأربعاء، 25 مارس 2020 11:00 م

جريدة النهار: ومن قال إن كورونا من غضب الله؟!
الأب رمزي جريج اللعازري
16 آذار 2020 | 15:39

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق