الأربعاء، 24 فبراير 2016

إنتهى عهد الإسلام






القاتل .. ضيفٌ معززٌ ُمكرم.






لم أكن قد قرأت هذا الكتاب من قبل. وليس معنى هذا بالطبع أنني قد قرأت كل الكتب إلا هذا الكتاب ولكنني كلما قرأت كتاباً وأحببته أسائل نفسي والومها على التقصير كيف لم أتنبه إلى هذا الكتاب أو هذا الكاتب من قبل. 

على الرغم من أنني قد قرأت تقريباً كل ما ورد في هذا الكتاب قبل ذلك في كتب أخرى متفرقة  وعلى مدار أعوام طويلة من القراءة إلا أن هذا التركيز المتعمد في جمع مادة هذا الكتاب على هذا النحو قد أثار في نفسي إنفعالات كثيفة جداً.

القاتل .. مازال يتكلم ويبتسم مستهزءاً بمشاعر المشاهدين.

أشفقت على الكاتب إلى حد كبير وهو يقسم بكلمات مباشرة ومن خلف السطور أنه قد ركب الصعاب متعمداً ومتوقعاً لأنكى العواقب لا  لشئ إلا بقصد توضيح الحقائق الغائبة والتي غفل عنها الكثيرون وربما أُنسوها عن عمد. الكاتب يشهد أن لا إله إلا الله عدة مرات في كتابه وقبل أن يبدأ في طرح أفكاره.

القاتل .. يسهب علناً في وصف الكيفية التي ترصد فيها للقتيل والكيفية التي أغتاله بها ولا يبدو عليه الندم على فعلته.

قرأت الكتاب في وقت قياسي جداً بالنسبة لظروف عملي. وعلى الرغم من أن الكاتب أعلن في أول الكتاب أنه حديث دنيا وليس حديث دين وأعلن ذلك في مواضع أخرى أيضاً فلم يشفع له ذلك من إتهامه بالخوض في الدين بل وفي المحظور منه وإنكار ما هو معلوم منه بالضرورة.

القاتل .. أفرج عنه في ظروف إستثنائية جداً أكاد أجزم أنها لن تتكرر أبداً في أي بلد  أوفي أي تاريخ آخر. كلماته هيئته ابتسامته تنبئ عن قناعته التامة بما فعل وأنه لو عاد به الزمن إلى الوراء وخُير في أفعاله لما فعل غير ذلك.

تاريخ مصبوغ باللون الأحمر الدامي ملئ بالقتل والإغتيال والصراع على الحكم والسلطة. تاريخ من الترف والقصور وشرب الخمر والنساء والسبايا والسواري. تاريخ من الظلم والقهر والتعذيب والتنكيل. تاريخ من الشذوذ الجنسي العلني الفاجر الفاحش قام به أولي الأمر وكل ذلك على مرأى ومسمع من العوام والخواص.

حتى أن كاتباً تاريخياً مرموقاً مثل "الجاحظ" في رسالته الثالثة عشر  بعنوان "كتاب مفاخرة الجواري والغلمان" من كتاب الرسائل يتخيل مناطرة بين صاحب الجواري وصاحب الغلمان وكل منهما يزكي بضاعته ومما ذكر فيه: "قول الله عزّ وجلّ: " يطوف عليهمْ غلمانٌ لهمْ كأنهم لؤلؤ مكنونٌ " وقوله تبارك وتعالى: " يطوف عليهم ولْدانٌٌ مُخلَّدون. بأكوابٍ وأباريق ". فوصف الله الغلمان في غير موضعٍ من كتابه، وشوَّق إليهم أوْلياءه.

القاتل .. مازال يدافع عن جريمته ومحاوره يسأله وهو يجيب بكل ثقة أنه قد نفذ شرع الله بدلاً عن الدولة التي قصرت في نصرة هذا الشرع  وأنه قد أخذ بفتوى شيوخاً أجلاء مرموقين وأنه يحتسب الأجر والثواب عند الله على فعلته.

الكاتب مازال يسهب في فض صفحات مخزية من تاريخ الخلافة الإسلامية وخلفاء حكموا المسلمين ويترفع عن ذكر ماهو أفضح وأقبح. التاريخ الذي أشار إليه كثيراً ما أقلقني وهددني في يقيني. التاريخ الذي لم يختلف على صحته أحد من كتبة التاريخ والذين أشار إليهم الكاتب كل في الموضع الذي نقل عنه فيه.

أتهم الكاتب بالكفر والإلحاد والعلمانية والأخطر من كل ذلك أنه أتهم  "بإنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة" وهذه التهمة الأخيرة هي وسم لمن هو متهم بها بالخروج من الملة وكذلك إباحة دمه شرعاً.

القاتل .. يجيب بكل فصاحة قتلته لأنه إرتد عن الإسلام. 

الكاتب كشف للعامة ما أراد غيره من أصحاب الرايات السوداء الداعين إلى عودة الخلافة الإسلامية أن يخفوه عن عمد وأن يختزلوا  قروناً ممتدة من الخلافة الإسلامية في بضعة سنين حكم فيها الخلفاء الراشدين الأربعة وخامسهم الذي لم يليهم. كشف حقيقة  أنهم أصحاب دنيا لا أصحاب دين.

القاتل .. إغتال الكاتب. 
لايوجد حد للردة في الإسلام.
الكاتب كان منطقياً جداً في كل ماكتب. 
لم يستطيعوا محاربة المنطق بالمنطق.
"من تمنطق تزندق" مقولة قديمة.
لم يستطع أحد يوماً ما أن يغتال التاريخ.
لم يستطع أحد يوماً ما أن يغتال الفكرة.
الكاتب مازال حياً.

لم أعرف بعد الكثير عن سيرة الكاتب الذاتيه لتقصير مني يمكنني أن أتداركه وكذلك لم أقرأ سائر ماكتب. ولكن ما دفعني للكتابة هنا هي جملة صغيرة للكاتب وهو"فرج فوده" جاءت في كتابه "الحقيقة الغائبة" أجابت على الكثير من تساؤلاتي وأخرجتني من قلقي وأعادتني إلى يقيني بكثير من الفخر والإعتزاز بديني الذي أكمله لي رسولي وأورثني إياه وبقليل من الإحساس بالخزي والعار من تاريخ صنعه أجدادي.

"بموت رسول الله إنتهى عهد الإسلام وبدأ عهد المسلمين"


رسولنا محمد قد أورث كل منا نفس الإرث وأوتيناه كلنا كاملاً غير منقوص ولم يختص أحداً بشئ عن أحد ولم يزد أحداً شيئاً عن أحد. فليعمل كل منا لآخرته مستعيناً بميراثه عن رسوله.













ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق